النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ} (16)

قوله عز وجل : { وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } هم المنافقون : عبد الله بن أُبيّ بن سلول ، ورفاعة بن التابوت ، وزيد بن الصليت{[2665]} ، والحارث بن عمرو ، ومالك بن الدخشم . وفيما يستمعونه قولان :

أحدهما : أنهم كانوا يحضرون الخطبة يوم الجمعة فإذا سمعوا ذكر المنافقين فيها أعرضوا عنه ، فإذا خرجوا سألوا عنه ، قاله الكلبي ومقاتل .

الثاني : أنهم كانوا يحضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين ، فيسمعون منه ما يقول ، فيعيه المؤمن ولا يعيه المنافق .

{ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِن عِندِكَ } أي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .

{ قَالُوا لِلَّذِينَ أوتُوا العِلمَ } فيهم أربعة أقاويل :

أحدها : أنه عبد الله بن عباس ، قاله عكرمة .

الثاني : عبد الله بن مسعود ، قاله عبد الله بن بريدة .

الثالث : أبو الدرداء ، قاله القاسم بن عبد الرحمن .

الرابع : أنهم الصحابة ، قاله ابن زيد .

{ مَاذَا قَالَ ءَانِفاً } هذا سؤال المنافقين للذين أُوتوا العلم إذا خرجوا من عند النبي صلى الله عليه وسلم . وفيه وجهان{[2666]} :

أحدهما : يعني قريباً .

الثاني : مبتدئاً .

وفي مقصودهم بهذا السؤال وجهان :

أحدهما : الاستهزاء بما سمعوه .

الثاني : البحث عما جهلوه .


[2665]:هكذا في الأصول والذي في سيرة ابن هشام الصليت. وفي تاريخ الطبري الصليت بالباء الموحدة.
[2666]:أي وفي معنى آنفا وجهان: وآنفا يراد به الساعة التي هي أقرب الأوقات إليك، من قولك استأنفت الشيء إذا ابتدأت به، وروضة أنف أي لم يرعها أحد.