التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (18)

قوله : { وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } أي مكذوب مفترى ، أو وصف الدم بالمصدر على سبيل المبالغة كأن هذا الدم نفس الكذب كما يقال للكذاب : هو الكذب بعينه ، والزور بذاته ؛ فقد كذبوا على أبيهم يعقوب بعد أن تمالأوا على أخيهم يوسف ، فأرادوا به كيدا فكانوا هم المكيدين بافتضاح أمرهم وهتك نواياهم الشريرة ؛ لقد كذبوا على أبيهم ؛ إذ جاءوه بدم سخلة لطخوا به قميص يوسف ثم زعموا أن هذا هو دمه .

قال : { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا } { بل } ، حرف إضراب . { سولت } أي زينت{[2214]} ، فقد قال لهم يعقوب مكذبا زعمهم وافتراءهم : ليس الأمر كما تقولون بل زينت لكم أنفسكم أمرا في يوسف وحسنته لكم تحسينا مريبا ففعلتموه { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } صبر ، مرفوع على انه مبتدأ ، وخبره محذوف وتقديره : فصبر جميل خبر من غيره . وغنما جاز الابتداء بالمنكر لكونه موصوفا . وقيل : مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، وتقديره : فصبري صبر جميل{[2215]} .

والمعنى : أنني سأصبر صبرا جميلا على هذا الأمر الذي اتفقتم عليه بتمالؤكم على يوسف حتى يكشف الله عني هذا البلاء بلطفه وفضله ورحمته { وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } أي أستعين بالله على ما اتفقتم عليه من الشر والمكر ، أو ما جئتموني به من كذب{[2216]} .


[2214]:المصباح المنير جـ 1 ص 318.
[2215]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 36.
[2216]:تفسير ابن كثير جـ 2 ص 471 وتفسير الطبري جـ 12 ص 98 وتفسير النسفي جـ 2 ص 214.