فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (18)

{ وجاءوا على } فوق { قميصه بدم كذب } وصف الدم بأنه كذب مبالغة كما هو المعروف في وصف اسم العين باسم المعنى فكأنه نفسه صار كذبا أو قيل المعنى بدم ذي كذب أو بدم مكذوب فيه ، قال ابن عباس ومجاهد : كان دم سخلة ، وقرأ الحسن وعائشة : بدم كدب بالدال المهملة أي بدم طري يقال للدم الطري كدب ، وقال الشعبي : أنه المتغير والكذب أيضا البياض الذي يخرج في إظفار الأحداث فيجوز أن يكون شبه الدم في القميص بالبياض الذي يخرج في الظفر من جهة اللونين .

وقد استدل يعقوب على كذبهم بصحة القميص وقال لهم متى كان هذا الذئب حكيما يأكل يوسف ولا يخرق القميص .

ثم ذكر الله سبحانه ما أجاب به يعقوب عليه السلام فقال { قال بل سولت } أي زينت وسهلت وأمرت { لكم أنفسكم أمرا } قال النيسابوري : التسويل تقرير معنى في النفس مع الطمع في إتمامه وهو تفعيل من السول وهو الأمنية قال الأزهري : وأصله مهموز غير أن العرب استثقلوا فيه الهمزة وفي الشهاب من السول بفتحتين وهو استرخاء العصب ونحوه فكأن المسول بذله فيما حرص عليه .

{ فصبر جميل } قال الزجاج : أي فشأني أو الذي اعتقده صبر جميل وقال قطرب : أي فصبري صبر جميل وقيل فصبر جميل أولى به قيل الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه لأحد غير الله وعنه صلى الله عليه وسلم قال : ( لا شكوى فيه من بث لم يصبر ) أخرجه ابن جرير وهو مرسل وقال مجاهد : ليس فيه جزع وقرئ فصبرا جميلا وكذا في مصحف أنس . قال المبرد : بالرفع أولى من النصب لأن المعنى رب عندي صبر جميل وإنما النصب على المصدر أي فلأصبرن صبرا جميلا .

{ والله المستعان } أي المطلوب منه العون والجملة إنشائية دعائية لا أخبار منه { على } أي على إظهار حال أو احتمال { ما تصفون } أي تذكرون من أمر يوسف عليه السلام وقال قتادة على ما تكذبون .