الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (18)

أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { وجاؤوا على قميصه بدم كذب } قال : كان دم سخلة .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { بدم كذب } قال : كان ذلك الدم كذباً لم يكن دم يوسف ، كان دم سخلة .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : أخذوا ظبياً فذبحوه فلطخوا به القميص ، فجعل يعقوب عليه السلام يقلب القميص فيقول : ما أرى أثر أثر ناب ولا ظفر ، إن هذا السبع رحيم . فعرف أنهم كذبوه .

وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما { وجاؤوا على قميصه بدم كذب } قال : لما أتي يعقوب بقميص يوسف عليه السلام فلم ير فيه خرقاً ، قال : كذبتم ، لو كان كما تقولون أكله الذئب لخرق القميص .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : لما جيء بقميص يوسف عليه السلام إلى يعقوب عليه السلام ، جعل يقلبه فيرى أثر الدم ولا يرى فيه شقاً ولا خرقاً ، فقال : يا بني ، والله ما كنت أعهد الذئب حليماً إذا أكل ابني وأبقى قميصه .

وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : ذبحوا جدياً ولطخوه بدمه ، فلما نظر يعقوب إلى القميص صحيحاً ، عرف أن القوم كذبوه فقال لهم : إن كان هذا الذئب لحليماً حيث رحم القميص ولم يرحم ابني .

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : لما أتوا نبي الله يعقوب بقميصه قال : ما أرى أثر سبع ولا طعن ولا خرق .

وأخرج أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجرجاني في أماليه ، عن ربيعة رضي الله عنه قال : لما أتى يعقوب عليه السلام فقيل : إن يوسف عليه السلام أكله الذئب . دعا الذئب فقال : أكلت قرة عيني وثمرة فؤادي . قال : لم أفعل . قال : فمن أين جئت ، ومن أين تريد ؟ قال : جئت من أرض مصر ، وأريد أرض جرجان . قال : فما يعنيك بها ؟ قال : سمعت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبلك يقولون : من زار حميماً أو قريباً ، كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة وحط عنه ألف سيئة يرفع له ألف درجة . فدعا بنيه فقال : اكتبوا هذا الحديث ، فأبى أن يحدثهم . فقال : ما لك لا تحدثهم ؟ فقال : إنهم عصاة .

وأخرج أبو الشيخ عن مبارك قال : سئل ابن سيرين عن رجل رأى في المنام أنه يستاك ، كلما أخرج السواك رأى عليه دماً . قال : اتق الله ولا تكذب . وقرأ { وجاؤوا على قميصه بدم كذب } .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً } قال : أمرتكم أنفسكم .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله { بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً } يقول : بل زينت لكم أنفسكم أمراً { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } أي على ما تكذبون .

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر ، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حيان بن أبي حيلة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله { فصبر جميل } قال : لا شكوى فيه من بث ولم يصبر .

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { فصبر جميل } قال ليس فيه جزع .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : الصبر الجميل ، الذي ليس فيه شكوى إلا إلى الله .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن الثوري ، عن بعض الصحابة قال : يقال ثلاثة من الصبر : أن لا تحدث بما يوجعك ، ولا بمصيبتك ، ولا تركي نفسك .