لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (18)

{ وجاؤوا على قميصه } يعني قميص يوسف { بدم كذب } أي مكذوب فيه قال ابن عباس : إنهم ذبحوا سخلة وجعلوا دمها على قميص يوسف ثم جاؤوا أباهم وفي القصة أنهم لطخوا القميص بالدم ولم يشقوه ، فقال يعقوب لهم : كيف أكله الذئب ولم يشقّ قميصه فاتهمهم بذلك ، وقيل إنهم أتوه بذئب وقالوا هذا أكله فقال يعقوب : أيها الذئب أنت أكلت ولدي وثمرة فؤادي ؟ فأنطقه الله عز وجل وقال والله ما أكلته ولا رأيت ولدك قط ولا يحل لنا أن نأكل لحوم الأنبياء ، فقال يعقوب فكيف وقعت بأرض كنعان قال جئت لصلة الحم وهي قرابة لي فأخذوني وأتوا بي إليك فأطلقه يعقوب ولما ذكر إخوة يوسف ليعقوب هذا الكلام واحتجوا على صدقهم بالقميص الملطخ بالدم ، { قال } يعقوب { بل سولت لكم أنفسكم أمراً } يعني بل زينت لكم أنفسكم أمراً ، وأصل التسويل تقدير معنى في النفس مع الطمع في إتمامه ، وقال صاحب الكشاف : سولت سهلت من السول وهو الاسترخاء أي سهلت لكم أنفسكم أمراً عظيماً ركبتموه من يوسف وهوّنتموه في أنفسكم وأعينكم فعلى هذا يكون معنى قوله بل رد لقولهم فأكله الذئب كأنه قال ليس الأمر كما تقولون أكله الذئب بل سولت لكم أنفسكم أمراً آخر غير ما تصفون { فصبر جميل } أي : فشأني صبر جميل ، وقيل : معناه فصبري صبر جميل والصبر الجميل الذي لا شكوى فيه ولا جزع . وقيل : من الصبر أن لا تتحدث بمصيبتك ولا تزكين نفسك { والله المستعان على ما تصفون } يعني : من القول الكذب ، وقيل : معناه والله المستعان على حمل ما تصفون .