التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية كلها . وهي مبدوءة بحرف من حروف التهجِّي ، التي يعلم الله وحده حقيقة المراد منها . ثم يُقسم الله بقرآنه الكريم ذي الدرجة العليا والشرف العظيم . وفي المحلوف عليه خلاف .

على أن السورة فيها تنديد شديد بالكافرين الذين عجبوا أن يأتيهم رسول منهم يبلغهم دعوة الله ويدعوهم إلى عبادة ربهم وحده دون غيره من الشركاء فأعرضوا وقالوا : { إنَّ هَذَا شَيْءٌ عُجابٌ } .

وفي السورة مقتضب عن أخبار لفيف من النبيين وأقوامهم الظالمين ، كقوم نوح وعاد وفرعون وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة ، أولئك جميعا عتوا عن أمر الله ونكلوا عن عقيدة التوحيد ؛ فأخذهم الله بالنكال الشديد في هذه الدنيا قبل يوم القيامة حيث العذاب البئيس . وفي السورة إخبار عن نبي الله داود ؛ إذ سخّر الله الجبال معه يسبِّحْن بالعشي والإشراق .

وفيها قصة الملك المؤمن نبي الله الكريم داود عليه السلام ؛ فقد آتاه الله المُلْك وأمره بالعدل ونهاه عن اتباع الهوى والشطط ، ووهب له الولد الصالح سليمان الذي ورث عنه النبوة وأمانة التبليغ .

وفي السورة قصة النبي الصابر أيوب عليه السلام . فقد أصابه من شديد السقم وبالغ الضَّرَّاء ما لا يطيقه غير أولي العزم من أعاظم الصناديد الأبرار . إلى غير ذلك من قصص النبيين المرسلين كإبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل واليسع وذي الكفل ، ثم أخبار القيامة وأهوالها وقواصمها .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى : { ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ ( 1 ) } : { ص } من الحروف المقطعة التي تفتتح بها سور من الكتاب الحكيم . وقد تقدم الكلام عن هذه المسألة .

قوله : { وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ } يُقْسم الله بكتابه القرآن { ذِي الذِّكْرِ } أي ذي الشرف العظيم والمكانة العالية ، وما اشتمل عليه من تذكير للعباد .

أما جواب القَسَم ، فقيل : { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا } الآية . وقيل : جوابه ما تضمنه سياق السورة بكمالها . وقيل غير ذلك .