قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .
أنفسكم ، منصوب على الإغراء . أي احفظوا أنفسكم . كما تقول : عليك زيداً . يضركم ، رفع على الاستئناف . أو جزم على جواب الأمر ، وإنما ضمت الراء إتباعاً لضمة الضاد المنقولة إليها من الراء المدغمة والأصل لا يضرركم( {[1095]} ) .
وقيل في سبب نزول هذه الآية : إن المؤمنين كان يحزنهم ويؤزهم بقاء الكفار في كفرهم وضلالتهم فقيل لهم : { عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } أي لا يضركم ضلال من ضل ولا فساد من فسد من الناس إذا كنتم أنتم مهتدين للحق . ولا يفهمن أحد أن في الآية ما يدل على سقوط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فهذا الفهم خاطئ مبطل : فإن من الحقائق الثابتة المقررة أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الفروض الدينية التي أوجبها الإسلام . ولا يعذر من وجيبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا من كان عاجزاً عن القيام بهذا الواجب الكبير . أو كان يظن أن كلامه غير ذي قيمة ولا تأثير البتة . أو كان يخشى على نفسه أن يحل به ضرر بالغ يسوغ له الترك .
وفي أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي التحريض البالغ على هذا المطلب العظيم ، أخرج الإمام أحمد عن قيس قال : قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } إنكم تضعونها على غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه يوشك الله عز وجل أن يعمهم بعقابه " .
وأخرج الترمذي عن أبي ثعلبة الخشني إذ سئل عن هذه الآية فقال : أما والله لقد سألت عنها خبيراً ، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحّاً مطاعاً وهوىً متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع العوام فإن من ورائكم أياماً الصابر فيهن مثل القابض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون كعملكم " .
قوله : { إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ذلك وعد ووعيد من الله لكلا الفريقين . وخلاصته أن مصير المهتدين والضالين جميعاً إلى الله يوم القيامة . وحينئذ ينئبهم الله بما قدموه في الدنيا من أعمال الهداية والضلال فيجزي الصالحين المهتدين الثواب ويجزي الطالحين الضالين العقاب( {[1096]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.