جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَيۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (105)

{ يا أيها{[1334]} الذين آمنوا عليكم أنفسكم } الجار والمجرور اسم فعل أي : الزموا صلاحها ، { لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } ، فيه رخصة{[1335]} في ترك الحسنة إذا علم عدم قبولها أو فيها مفسدة وإضرار له منها اتفقت كلمة السلف على ذلك ، والأحاديث تدل{[1336]} عليه أو معنى إذا اهتديتم إذا ائتمرتم بالمعروف ، وأمرتم به ، وانتهيتم عن المنكر ، ونهيتم عنه حسب طاقتكم أو المراد المنع عن هلاك النفس أسفا على ما عليه الكفرة والفسقة كقوله : ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) ( فاطر : 8 ) ، وهو استئناف أو جواب للأمر أي : إن لزمتم أنفسكم لا يضركم ، والقياس الفتح لكن أوثرت ضمة الراء لاتباع الضاد ، { إلى الله مرجعكم جميعا فيُنبّئكم بما كنتم تعملون } ، وعد ووعيد للفريقين .


[1334]:ولما رغب ورهب ونصب ولم يفد لهم، بل بقوا مصرين على فعل آبائهم وحسبوا أن تركهم لما هم عليه عار خاطب المؤمنين فقال: (يا أيها الذين آمنوا عليكم) الآية/12 وجيز.
[1335]:لما توهم من ظاهر الآية الرخصة في ترك الأمر بالمعروف والإذن في ذلك، بل الأمر به أشار إلى الجواب بأن الرخصة إذا علم عدم قبولها أو إذا كان فيها مفسدة فوقها أو المراد من الاهتداء أن ينكر، ويأمر حسب طاقته، فليس بعد ذلك شيء أو للمنع عن هلاك النفس حسرة وأسفا على ما فيه الفسقة/12 منه.
[1336]:قال صلى الله عليه وسلم عن تلك الآية: (ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر فإذا رأيت دينا مؤثرة وشحا مطاعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك)/ 12 وجيز. أخرجه الترمذي، وصححه ابن ماجة وابن جرير والبغوي والحاكم وغيرهم/ 12 فتح. [وضعفه الشيخ الألباني في (ضعيف ابن ماجة (869))].