( يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )
قال الشيخ الشنقيطي : قد يتوهَّم الجاهلُ من ظاهر هذه الآية الكريمة عدمَ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولكن نفس الآية فيها الإشارة إلى أن ذلك فيما إذا بلغ جهده ، فلم يقبل منه المأمور ، وذلك في قوله : ( إذا اهتديتم ) ، لأن من ترك الأمر بالمعروف لم يهتد . ومما يدل على أنَّ تارك الأمر بالمعروف غيرُ مهتدٍ ؛ أن الله تعالى أقسم أنه في خُسْرٍ في قوله تعالى : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) . فالحق وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبعدَ أداءِ الواجبِ لا يضرُّ الآمرَ ضلالُ من ضَلَّ . وقد دلت الآيات كقوله تعالى ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منك خاصة ) ، والأحاديث على أن الناس إن لم يأمروا بالمعروف ، ولم ينهوا عن المنكر ، عمهم الله بعذاب من عنده .
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع عن سفيان . ح وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، كلاهما عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب . وهذا حديث أبي بكر . قال : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان ، فقام إليه رجل فقال : الصلاة قبل الخطبة . فقال : قد ترك ما هنالك . فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من رأى منكم منكرا فليُغيِّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " .
( الصحيح : 1/69ح49-ك الإيمان ، ب بيان كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان . . . ) .
قال ابن ماجة : حدثنا علي بن محمد ، ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبيد الله بن جرير ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ، هم أعز منهم وأمنع ، لا يُغيِّرون ، إلا عَمَّهم الله بعقاب " .
( السنن : ح 4009-الفتن ، ب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، وأخرجه أحمد وأبو داود من طريقين ، عن جرير به نحوه ( المسند : 4/366 ، 364 ، 363 ، 361 ) ، ( السنن : 4/122- -الملاحم ، ب الأمر والنهي ) ، وقد رواه شعبة عن أبي إسحاق كذلك ، وصححه ابن حبان ( الإحسان : 1/259ح300 ) ، وأيضا صححه الألباني ( صحيح الجامع : رقم 5749 ) ، وحسنه السيوطي ( الجامع الصغير مع فيض القدير : 5/493ح8085 ) .
قال أبو داود : حدثنا وهب بن بقية ، عن خالد . ح وثنا عمرو بن عون ، أخبرنا هشيم المعني ، عن إسماعيل ، عن قيس ، قال : قال أبو بكر بعد أن حَمِد الله وأثنى عليه : يا أيها الناس ، إنكم تقرأون هذه الآية ، وتضعونها على غير مواضعها ، ( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ، قال : عن خالد : وإنا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه ، أوشك أن يعمهم الله بعقاب " . وقال عمرو ، عن هشيم : وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من قوم يُعمَل فيهم بالمعاصي ، ثم يقدرون على أن يُغيِّروا ، ثم لا يُغيِّروا إلا يوشك أن يعمهم الله منه بعقاب " .
قال أبو داود : ورواه كما قال خالد أبو أسامة وجماعة ، وقال شعبة فيه : " ما من قوم يُعمَل فيهم بالمعاصي ، هم أكثرُ مِمَّن يعمله " .
( السنن : 4 / 122 ح4338 - ك الملاحم ، 5/257ح3057 - ك التفسير ، ب ومن سورة المائدة ) ، والضياء في ( المختارة : 1 / 146 - 147 ) من طريق يزيد بن هارون . وابن ماجة ( السنن : 2 / 3271 ح 4005 - ك الفتن ، ب الآمر بالمعروف والنهى عن المنكر ) من طريق ابن نمير وأبي أسامة ، كلهم عن إسماعيل بن أبي خالد به ، وأخرجه أحمد ( المسند : 1 / 2 ) عن ابن نمير به ، قال محققه : إسناد صحيح ( المسند : 1/160 ) ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه ( الإحسان : 1 / 261 ح 304 ) ، وأبو يعلى في ( المسند : 1/118ح 128 ) كلاهما من طريق شعبة ، عن إسماعيل به . قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وقال الألباني : صحيح ( صحيح الترمذي : ح 2448 ) ، وصحح إسناده محقق مسند أبي يعلى .
قال الطبري : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر وأبو عاصم قالا : حدثنا عوف ، عن سوار بن شبيب قال : كنت عند ابن عمر ، إذ أتاه رجل جليد في العين ، شديد اللسان ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، نحن ستة كلهم قد قرأ القرآن فأسرع فيه ، وكلهم مجتهد لا يألوا ، وكلهم بغيض إليه أن يأتى دناءة ، وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك ! فقال رجل من القوم : وأي دناءة تريد أكثر من أن يشهد بعضهم على بعض بالشرك ! قال : فقال الرجل : إني لست إياك أسأل ، أنا أسأل الشيخ ، فأعاد على عبد الله الحديث ، فقال عبد الله بن عمر : لعلك ترى –لا أبا لك -أني سآمرك أن تذهب أن تقتلهم ! عِظْهم وانْهَهم ، فإن عصوك فعليك بنفسك ، فإن الله تعالى يقول : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون ) .
( التفسير : 11/140ح12854 ) ، ورجاله ثقات وإسناده صحيح ) .
قال ابن ماجة : حدثنا علي بن محمد ، ثنا محمد بن فضيل ، ثنا يحيى بن سعيد ، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، أبو طوالة ، ثنا نهار العبدي ، أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول : ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره ؟ فإذا لقَّن الله عبدا حُجَّته ، قال : يا رب رَجَوتُك ، ، وفَرَقْت من الناس " .
( السنن : 2/1332ح4017 - ك الفتن ، ب قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ) ، وأخرجه أحمد ( المسند : 3/77 ) من طريق وهيب ، عن يحيى بن سعيد به . قال العراقي : رواه ابن ماجة من حديث أبي سعيد الخدري بسند جيد . ( تخريج الإحياء : 3/1273ح1926 ) وقال البوصيري : إسناد صحيح . . . ( مصباح الزجاجة : 2/300 ) ، وقال الألباني : هذا إسناد جيد ( السلسلة الصحيحة : ح929 ) .
أخرج الطبري بسنده الحسن ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) يقول : أطيعوا أمري ، واحفظوا وصيَّتي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.