تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَيۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (105)

وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ }

ظن بعض الناس أن الآية دفعت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي في ترك ذلك وليس فيه دفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ولكن إنباء أن ليس علينا في ما يردن ولا يقبل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شيء ، وهو كقوله تعالى : { ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم } [ الأنعام : 52 ] وكقوله تعالى : { فإن تولوا فإنما عليه ما حمل } الآية [ النور : 54 ] ليس فيه رخصة ترك تبليغ الرسالة إليهم ودفعه عنهم . ولكن إخبار ليس عليه في ما يُرد وترك القبول شيء كقوله تعالى : { إن عليك إلا البلاغ }[ الشورى : 48 ] فعلى ذلك الأول ، والله أعلم .

ويحتمل أن يكون [ الآية ليس فيها ][ في الأصل وم : في الآية ليس فيه ] رخصة دليل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه قال : { لا يضركم من ضل } بترك قبول الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر { إذا اهتديتم } أنتم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب . وبذلك وصف الله تعالى هذه الأمة بقوله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )[ آل عمران : 110 ] .

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : «من لم يرحم صغيرنا ، ولم يوقر كبيرنا ، ولم يأمر بالمعروف ، ولم ينه عن المنكر فليس منا »[ أبو داوود4943 ] وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل علي ، وقد حضره النفس ، فتوضأ ، ثم خرج إلى المسجد ، فقمت من وراء الحجاب ، فصعد المنبر ، ثم قال : «أيها الناس إن الله يقول : مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم ، وتسألوني فلا أعطيكم ، وتستغيثوني فلا أغيثكم ، وتستنصروني فلا أنصركم »[ أحمد : 6/159 ] .

وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : «يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيره يوشك أن يعمهم الله بعقاب »[ ابن ماجة4005 ] .

وقوله تعالى : ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم )الآية[ الآية : 62 ] ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مراتب مع الكفرة بالقتال والحرب ومع المؤمنين باليد واللسان .

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب فرض ما لم يدخل في ذلك فساد ، ويصير الأمر به والنهي عنه منكرا . فإذا خشوا ذلك يرخص لهم الترك ، وإلا .

وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : قولوها ما لم يكن دونها السيف والسوط . فإذا كان دونها السيف والسوط فعليكم أنفسكم .

وقوله تعالى : ( إلى الله مرجعكم جميعا ) الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، والذي يرد عنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( فينبئكم بما كنتم تعلمون ) خرج على الوعيد والتحذير .