معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (21)

قوله تعالى : { أم حسب } بل حسب ، { الذين اجترحوا السيئات } اكتسبوا المعاصي والكفر { أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } نزلت في نفر من مشركي مكة ، قالوا للمؤمنين : لئن كان ما تقولون حقا لنفضلن عليكم في الآخرة كما فضلنا عليكم في الدنيا . { سواءً محياهم } قرأ حمزة والكسائي وحفص ويعقوب : " سواء " بالنصب ، أي : نجعلهم سواء ، يعني : أحسبوا أن حياة الكافرين { ومماتهم } كحياة المؤمنين وموتهم سواءً كلا ، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء والخبر أي : محياهم ومماتهم سواء فالضمير فيهما يرجع إلى المؤمنين والكافرين جميعاً ، معناه : المؤمن مؤمن محياه ومماته أي في الدنيا والآخرة ، والكافر كافر محياه ومماته ، في الدنيا والآخرة ، { ساء ما يحكمون } بئس ما يقضون ، قال مسروق : قال لي رجل من أهل مكة : هذا مقام أخيك تميم الداري ، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو قرب أن يصبح ، يقرأ آيةً من كتاب الله يرددها يركع بها ويسجد ويبكي . { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (21)

{ أم حسب الذين اجترحوا السيئات } أم منقطعة ومعنى الهمزة فيها إنكار الحسبان ، والاجتراح الاكتساب ومنه الجارحة . { أن نجعلهم } أن نصيرهم . { كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } مثلهم وهو ثاني مفعولي نجعل وقوله : { سواء محياهم ومماتهم } بدل منه إن كان الضمير للموصول الأول ؛ لأن المماثلة فيه إذ المعنى إنكار أن يكون حياتهم ومماتهم سيين في البهجة والكرامة كما هو للمؤمنين ، ويدل عليه قراءة حمزة والكسائي وحفص { سواء } بالنصب على البدل أو الحال من الضمير في الكاف ، أو المفعولية والكاف حال ، وإن كان للثاني فحال منه أو استئناف يبين المقتضى للإنكار ، وإن كان لهما فبدل أو حال من الثاني ، وضمير الأول والمعنى إنكار أن يستووا بعد الممات في الكرامة أو ترك المؤاخذة كما استووا في الرزق والصحة في الحياة ، أو استئناف مقرر لتساوي محيا كل صنف ومماته في الهدى والضلال ، وقرئ " مماتهم " بالنصب على أن { محياهم ومماتهم } ظرفان كمقدم الحاج . { ساء ما يحكمون } ساء حكمهم هذا أو بئس شيئا حكموا به ذلك .