معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (21)

وقوله : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُواْ السَّيِّئَاتِ } .

الاجتراح : الاقتراف ، والاكتساب .

وقوله : { سَوَاء مَّحْيَاهُمْ وَمَماتُهُمْ }

تنصب سواء ، وترفعه ، والمحيا والممات في موضع رفع بمنزلة قوله : رأيت القومَ سواء صغارهم وكبارهم [ 174/ب ] ، تنصب سواء ؛ لأنك تجعله فعلا لما عاد على الناس من ذكرهم ، وما عاد على القوم وجميع الأسماء بذكرهم ، وقد تقدم فعله ، فاجعل الفعل معربا بالاسم الأول . تقول : مررت بقوم سواء صغارهم وكبارهم ، ورأيت قوما سواء صغارهم وكبارهم .

وكذلك الرفع - وربما جعلت العرب : ( سواء ) في مذهب اسم بمنزلة حسبك ، فيقولون : رأيت قوما سواء صغارهم وكبارهم ، فيكون كقولك : مررت برجل حسبك أخوه ولو جعلت مكان سواء مستوٍ لم ترفع ، ولكن تجعله متبعا لما قبله ، مخالفا لسواء ؛ لأن مستويا من صفة القوم ، ولأن سواء - كالمصدر ، والمصدر اسم .

ولو نصبت : المحيا والممات - كان وجها تريد أن تجعلهم سواء في محياهم ومماتهم .