نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (21)

ولما كان{[58118]} التقدير بعد هذا البيان الذي لم يدع لبساً في أمر الحساب بما حده من الملك الذي يوجب ما له-{[58119]} من العظمة والحكمة أن يحاسب عبيده لثواب المحسن وعقاب المسيء ، أعلم{[58120]} هؤلاء المخاطبون - لأنهم لا يعدون أن يكونوا من الناس أو من الذين يوقنون بهذه البصائر لما لهم من حسن الغرائز المعلية{[58121]} لهم عن حضيض الحيوان إلى أوج الإنسان أنا نفرق{[58122]} بين{[58123]} المسيئين الذين بعضهم أولياء بعض وبين المحسنين الذين نحن أولياؤهم ، عطف عليه سبحانه وتعالى قوله : { أم } قال الأصبهاني : قال الإمام : كلمة وضعت للاستفهام عن شيء حال كونه معطوفاً على آخر سواء كان المعطوف مذكوراً أو مضمراً - انتهى . وكان الأصل : حسبوا{[58124]} ، ولكنه عدل-{[58125]} عنه {[58126]}للتنبيه على أن ارتكاب{[58127]} السوء معم للبصيرة مضعف للعقل كما أفاده التعبير بالحسبان كما تقدم بيانه في البقرة فقال : { حسب الذين اجترحوا } أي فعلوا{[58128]} بغاية جهدهم ونزوع{[58129]} شهواتهم { السيئات أن نجعلهم } مع ما لنا من العظمة المانعة من الظلم المقتضية للحكمة { كالذين آمنوا وعملوا } تصديقاً لإقرارهم {[58130]}ظاهراً وباطناً وسراً وعلانية{[58131]} { الصالحات } بأن نتركهم بلا حساب للفصل بين المحسن والمسيء .

ولما كانت المماثلة مجملة ، بينها استئنافاً بقوله {[58132]}مقدماً ما{[58133]} هو عين المقصود من الجملة الأولى : { سواء } أي مستو استواء عظيماً { محياهم ومماتهم } أي حياتهم وموتهم وزمان ذلك ومكانه في الارتفاع والسفول واللذة والكدر وغير ذلك من الأعيان والمعاني{[58134]} . ولما كان هذا مما لا يرضاه أحد لمن تحت يده ولا لغيره ، قال معبراً بمجمع الذم : { ساء ما يحكمون * } أي بلغ حكمهم هذا في نفسه ولا سيما وهم بإصرارهم عليه في تجديد له-{[58135]} كل ساعة أقصى نهايات السوء ، فهو مما يتعجب منه ، لأنه لا يدري الحامل عليه ، وذلك أنهم نسبوا الحكيم الذي لا حكيم في الحقيقة غيره إلى ما لا يفعله أقل الناس فيمن تحت يده .


[58118]:زيد في الأصل و ظ: هذا، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58119]:زيد من م ومد.
[58120]:زيد في الأصل و ظ: إن، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[58121]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: العلية.
[58122]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: نقرن.
[58123]:زيد في الأصل: المسئلتين، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58124]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: احسبوا.
[58125]:زيد من م ومد.
[58126]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: إلى التنبيه إلى اركاب.
[58127]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: إلى التنبيه إلى إركاب.
[58128]:في م ومد: فعملوا.
[58129]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: ردع.
[58130]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58131]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[58132]:من م و مد، وفي الأصل و ظ: مبينا لما.
[58133]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: مبينا لما.
[58134]:زيد في الأصل: وما كان هذا مناسبا له، ولك تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58135]:زيد من م ومد.