بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (21)

{ أَمْ حَسِبَ الذين اجترحوا السيئات } يعني : اكتسبوا السيئات ، وذلك أنهم كانوا يقولون : إنا نعطى في الآخرة من الخير ، ما لم تعطوا . قال الله تعالى : { أَمْ حَسِبَ الذين اجترحوا السيئات } يعني : أيظن الذين عملوا الشرك ، وهو عتبة وشيبة ، والوليد وغيرهم { أَن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعني : علياً وحمزة وعيينة بن الحارث رضي الله عنهم { سَوَاء محياهم ومماتهم } يعني : يكونون سواء في نعم الآخرة ، قرأ حمزة والكسائي ، وعاصم في رواية حفص ، سَوَاءً بالنصب والباقون بالضم ، فمن قرأ بالنصب فمعناه : أحسبوا أن نجعلهم سواء ، أي : مستوياً فيجعل أَن نَّجْعَلَهُمْ متعدياً إلى مفعولين . ومن قرأ بالضم ، جعل تمام الكلام عند قوله : { وَعَمِلُواْ الصالحات } ثم ابتدأ فقال : { سَوَاء محياهم ومماتهم } خبر الابتداء وقال مجاهد : { سَوَاء محياهم ومماتهم } قال : المؤمنون في الدنيا والآخرة ، مؤمن يكون على إيمانه ، يموت على إيمانه ، ويبعث على إيمانه والكافر في الدنيا والآخرة ، كافر يموت على الكفر ، ويبعث على الكفر .

وروى أبو الزبير عن جابر قال : «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْه ، ِ المُؤمِنُ عَلَى إيمانِه ، والمُنَافِقُ عَلَى نِفَاقِه » ثم قال : { سَاء مَا يَحْكُمُونَ } أي : بئس ما يقضون الخير لأنفسهم ، حين يرون أن لهم ما في الآخرة ، ما للمؤمنين .