قوله تعالى : { فلما نسوا ما ذكروا به } ، تركوا ما وعظوا وأمروا به .
قوله تعالى : { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } ، قرأ أبو جعفر . ( فتحنا ) بالتشديد ، في كل القرآن ، وقرأ ابن عامر كذلك إذا كان عقيبه جمعاً ، والباقون بالتخفيف ، وهذا فتح استدراج ومكر ، أي بدلنا مكان البلاء والشدة الرخاء والصحة .
قوله تعالى : { حتى إذا فرحوا بما أوتوا } . وهذا فرح بطر مثل فرح قارون بما أصاب من الدنيا .
قوله تعالى : { أخذناهم بغتة } فجأة ، آمن ما كانوا ، وأعجب ما كانت الدنيا إليهم .
قوله تعالى : { فإذا هم مبلسون } . آيسون من كل خير ، وقال أبو عبيدة : المبلس ، النادم الحزين ، وأصل الإبلاس : الإطراق من الحزن والندم ، روى عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته ، فإنما ذلك استدراج ، ثم تلا : { فلما نسوا ما ذكروا به } الآية .
{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ } أي : أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } أي : فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون ، وهذا{[10684]} استدراج منه تعالى وإملاء لهم ، عياذا بالله من مكره ؛ ولهذا قال : { حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا } أي : من الأموال والأولاد والأرزاق { أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً } أي : على غفلة { فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ } أي : آيسون من كل خير .
قال الوالبي ، عن ابن عباس : المبلس : الآيس .
وقال الحسن البصري : من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به ، فلا رأي له . ومن قَتَر عليه فلم ير أنه ينظر له ، فلا رأي له ، ثم قرأ : { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ } قال الحسن : مكر بالقوم ورب الكعبة ؛ أعطوا حاجتهم ثم أخذوا . رواه ابن أبي حاتم .
وقال قتادة : بَغَت القومَ أمرُ الله ، وما أخذ الله قومًا قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعيمهم{[10685]} فلا تغتروا بالله ، إنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون . رواه ابن أبي حاتم أيضًا .
وقال مالك ، عن الزهري : { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } قال : إرخاء{[10686]} الدنيا وسترها .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غَيْلان ، حدثنا رِشْدِين - يعني ابن سعد أبا الحجاج المهري - عن حَرْمَلَة بن عمران التُّجِيبي ، عن عُقْبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيت الله يُعْطِي العبدَ من الدنيا على مَعاصيه ما يُحِبُّ ، فإنما هو اسْتِدْرَاج " . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من حديث حَرْمَلة وابن لَهِيعة ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، به{[10687]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.