قوله تعالى : { واكتب لنا } أوجب لنا .
قوله تعالى : { في هذه الدنيا حسنة } ، النعمة والعافية .
قوله تعالى : { وفي الآخرة } أي : وفي الآخرة { حسنة } ، أي المغفرة والجنة .
قوله تعالى : { إنا هدنا إليك } ، أي : تبنا إليك .
قوله تعالى : { قال } الله تعالى .
قوله تعالى : { عذابي أصيب به من أشاء } ، من خلقي .
قوله تعالى : { ورحمتي وسعت }أي عمت .
قوله تعالى : { كل شيء } قال الحسن وقتادة : وسعت رحمته في الدنيا البر والفاجر ، وهي يوم القيامة للمتقين خاصة ، قال عطية العوفي : وسعت كل شيء ولكن لا تجب إلا للذين يتقون ، وذلك أن الكافرين يرزقون ، ويدفع عنهم بالمؤمنين لسعة رحمة الله للمؤمنين ، فيعيش فيها ، فإذا صار إلى الآخرة وجبت للمؤمنين خاصة ، كالمستضيء بنار غيره إذا ذهب صاحب السراج بسراجه . قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة وابن جريج : لما نزلت : { ورحمتي وسعت كل شيء } قال إبليس : إنا من ذلك الشيء . قوله تعالى : { فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون } فتمناها اليهود والنصارى ، وقالوا : نحن نتقي ، ونؤتي الزكاة ، ونؤمن ، فجعلها الله لهذه الأمة .
وقال موسى في تمام دعائه وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً من علم نافع ، ورزق واسع ، وعمل صالح .
وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً : وهي ما أعد اللّه لأوليائه الصالحين من الثواب .
إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ أي : رجعنا مقرين بتقصيرنا ، منيبين في جميع أمورنا .
قَالَ اللّه تعالى عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ممن كان شقيا ، متعرضا لأسبابه ، وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ من العالم العلوي والسفلي ، البر والفاجر ، المؤمن والكافر ، فلا مخلوق إلا وقد وصلت إليه رحمة اللّه ، وغمره فضله وإحسانه ، ولكن الرحمة الخاصة المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة ، ليست لكل أحد ، ولهذا قال عنها : فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ المعاصي ، صغارها وكبارها .
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ الواجبة مستحقيها وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ومن تمام الإيمان بآيات اللّه معرفة معناها ، والعمل بمقتضاها ، ومن ذلك اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا ، في أصول الدين وفروعه .
{ اكتب } معناه أثبت واقض ، والكتب مستعمل في ما يخلد ، و { حسنة } لفظ عام في كل ما يحسن في الدنيا من عافية وغنى وطاعة لله تعالى وغير ذلك وحسنة الآخرة الجنة لا حسنة دونها ولا مرمى وراءها و { هُدنا } بضم الهاء معناه تبنا ، وقرأ أبو وجزة «هِدنا » بكسر الهاء ومعناه حركنا أنفسنا وجذبناها لطاعتك ، وهو مأخوذ من هاد يهيد إذا حرك ، وقوله تعالى : { قال عذابي أصيب به من أشاء } الآية ، قال الله عز وجل : إن الرجفة التي أنزلت بالقوم هي عذابي أصيب به من شئت ثم أخبر عن رحمته ، ويحتمل وهو الأظهر أن الكلام قصد به الخبر عن عذابه وعن رحمته من أول ما ابتدأ ، ويندرج أمر أصحاب الرجفة في عموم قوله عند { عذابي أصيب به من أشاء } وقرأ الحسنَ وطاوس وعمرو بن فائد «من أساء » من الإساءة أي من عمل غير صالح ، وللمعتزلة بهذه القراءة تعلق من وجهين : أحدهما إنفاذ الوعيد ، والآخر خلق المرء أفعاله وأن أساء لا فعل فيه لله ، وهذان التعلقان فيهما احتمال ينفصل عنه كما ينفصل عن سائر الظواهر إلا أن القرأة أطنبوا في التحفظ من هذه القراءة ، وقال أبو عمرو الداني : لا تصح هذه القراءة عن الحسن وطاوس ، وعمرو بن فائد رجل سوء ، وذكر أبو حاتم أن سفيان بن عيينة قرأها مرة واستحسنها فقام إليه عبد الرحمن المقبري وصاح به وأسمعه فقال سفيان : لم أدر ولم أفطن لما يقول أهل البدع ، وهذا إفراط من المقربين وحملهم على ذلك شحهم على الدين وظنهم أن الانفصال عن تعلق المعتزلة متعذر .
ثم وصف الله تعالى رحمته بأنها { وسعت كل شيء } فقال بعض العلماء : هو عموم في الرحمة وخصوص في قوله { كل شيء } والمراد من قد سبق في علم الله أن يرحمه دون من سواهم ، وقال بعضهم : هو عموم في رحمة الدنيا لأن الكافر والمؤمن والحيوان كله متقلب في رحمة الله الدنياوية ، وقالت فرقة : قوله : { ورحمتي } يراد به التوبة وهي خاصة على هذا في الرحمة وفي الأشياء لأن المراد من قد تقع منه التوبة ، وقال نوف البكالي : إن إبليس لما سمع قول الله تعالى : { ورحمتي وسعت كل شيء } طمع في رحمة الله فلما سمع { فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة } يئس إبليس وبقيت اليهود والنصارى ، فلما تمادت الصفة تبين أن المراد أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويئس اليهود والنصارى من الآية ، وقال نحوه قتادة ، وقوله : { فسأكتبها } أي أقدرها وأقضيها ، وقال نوف البكالي : إن موسى عليه السلام قال يا رب جعلت وفادتي لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال نوف البكالي : فاحمدوا الله الذي جعل وفادة بني إسرائيل لكم ، وقوله : { يتقون } في هذه الآية قالت فرقة : معناه يتقون الشرك ، وقالت فرقة : يتقون المعاصي .
قال القاضي أبو محمد : ومن قال : الشرك لا غير خرج إلى قول المرجئة ، ويرد عليه من الآية شرط الأعمال بقوله : { ويؤتون الزكاة } ، ومن قال المعاصي ولا بد خرج إلى قول المعتزلة ، والصواب بأن تكون اللفظة عامة ولكن ليس بأن نقول ولا بد من اتقاء المعاصي بل بأن نقول مع أن مواقع المعاصي في مشيئة الله تعالى ، ومعنى : { يتقون } يجعلون بينهم وبين المتقى وقاية وحجاباً ، فذكر الله تعالى الرتبة العالية ليتسابق السامعون إليها ، وقوله : { ويؤتون الزكاة } الظاهر من قوله { يؤتون } أنها الزكاة المختصة بالمال وخصها هنا بالذكر تشريفاً لها وجعلها مثالاً لجميع الطاعات ، وقال ابن عباس فيما روي عنه : ويؤتون الأعمال التي يزكون بها أنفسهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.