معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (100)

قوله تعالى : { ورفع أبويه على العرش } أي : على السرير ، أجلسهما . والرفع : هو النقل إلى العلو . { وخروا له سجداً } يعني : يعقوب وخالته وإخوته . وكانت تحية الناس يومئذ السجود ، ولم يرد بالسجود وضع الجباه على الأرض ، وإنما هو الانحناء والتواضع . وقيل : وضعوا الجباه على الأرض وكان ذلك على طريق التحية والتعظيم ، لا على طريق العبادة . وكان ذلك جائزا في الأمم السالفة فنسخ في هذه الشريعة . وروي عن ابن عباس أنه قال : معناه : خروا لله عز وجل سجدا بين يدي يوسف . والأول أصح . { وقال } يوسف عند ذلك : { يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً } ، وهو قوله : { إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين } { وقد أحسن بي } ربي ، أي : أنعم علي ، { إذ أخرجني من السجن } ، ولم يقل من الجب مع كونه أشد بلاء من السجن ، استعمالا للكرم ، لكيلا يخجل إخوته بعدما قال لهم : { لا تثريب عليكم اليوم } ، ولأن نعمة الله عليه في إخراجه من السجن أعظم ، لأنه بعد الخروج من الجب صار إلى العبودية والرق ، وبعد الخروج من السجن صار إلى الملك ، ولأنو وقوعه في البئر كان لحسد إخوته ، وفي السجن مكافأة من الله تعالى لزلة كانت منه . { وجاء بكم من البدو } ، والبدو بسيط من الأرض يسكنه أهل المواشي بماشيتهم ، وكانوا أهل بادية ومواشي ، يقال بدا يبدو إذا صار إلى البادية { من بعد أن نزغ } أفسد ، { الشيطان بيني وبين إخوتي } بالحسد { إن ربي لطيف } ، أي : ذو لطف { لما يشاء } وقيل : معناه بمن يشاء . وحقيقة اللطيف : الذي يوصل الإحسان إلى غيره بالرفق { إنه هو العليم الحكيم } . قال أهل التاريخ : أقام يعقوب بمصر عند يوسف أربعا وعشرين سنة في أغبط حال وأهنأ عيش ، ثم مات بمصر ، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه يوسف أن يحمل جسده حتى يدفنه عند أبيه إسحاق ، ففعل يوسف ذلك ، ومضى به حتى دفنه بالشام ، ثم انصرف إلى مصر .

قال سعيد بن جبير : نقل يعقوب عليه السلام في تابوت من ساج إلى بيت المقدس ، فوافق ذلك اليوم الذي مات فيه العيص فدفنا في قبر واحد ، وكانا ولدا في بطن واحد ، وكان عمرهما مائة وسبعا وأربعين سنة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (100)

والمراد بالعرش في قوله { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العرش } السرير الذي يجلس عليه .

أى : وأجلس يوسف أبويه معه على السرير الذي يجلس عليه ، تكريماً لهما ، وإعلاء من شأنهما .

{ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً } أى : وخر يعقوب وأسرته ساجدين من أجل يوسف ، وكان ذلك جائزا في شريعتهم على أنه لون من التحية ، وليس المقصود به السجود الشرعى لأنه لا يكون إلا الله - تعالى - .

{ وَقَالَ } يوسف متحدثاً بنعمة الله { ياأبت هذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً . . . }

أى : وقال يوسف لأبيه : هذا السجود الذي سجدتموه لى الآن ، هو تفسير رؤياى التي رأيتها في صغرى ، فقد جعل ربى هذه الرؤيا حقاً ، وأرانى تأويلها وتفسيرها بعد أن مضى عليها الزمن الطويل .

قالوا : وكان بين الرؤيا وبين ظهور تأويلها أربعون سنة .

والمراد بهذه الرؤيا ما أشار إليه القرآن في مطلع هذه السورة في قوله { ياأبت إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً والشمس والقمر رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } ثم قال يوسف لأبيه أيضاً : { وَقَدْ أَحْسَنَ بي } ربى - عز وجل - { إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السجن } بعد أن مكثت بين جدرانه بضع سنين .

وعدى فعل الإِحسان بالباء مع أن الأصل فيه أن يتعدى بإلى ، لتضمنه معنى اللطف ولم يذكر نعمة إخراجه من الجب ، حتى لا يجرح شعور إخوته الذين سبق أن قال لهم : { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليوم يَغْفِرُ الله لَكُمْ } وقوله { وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ البدو } معطوف على ما قبله تعدادا لنعم الله - تعالى - .

أى : وقد أحسن بى ربى حيث أخرجنى من السجن ، وأحسن بى أيضاً حيث يسر لكم أموركم ، وجمعنى بكم في مصر ، بعد أن كنتم مقيمين في البادية في أرض كنعان بفلسطين .

وقوله { مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشيطان بَيْنِي وَبَيْنَ إخوتي } أى جمعنى بكم من بعد أن أفسد الشيطان بينى وبين إخوتى ، حيث حملهم على أن يلقوا بى في الجب .

وأصل { نَّزغَ } من النزغ بمعنى النخس والدفع . يقال : نزغ الراكب دابته إذا نخسها ودفعها لتسرع في سيرها .

وأسند النزغ إلى الشيطان ، لأنه هو الموسوس به ، والدافع إليه ، ولأن في ذلك ستراً على إخوته وتأدباً معهم .

وقوله { إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ العليم الحكيم } تذييل قصد به الثناء على الله - تعالى - بما هو أهله .

أى : إن ربى وخالقى ، لطيف التدبير لما يشاء تدبيره من أمور عباده ، رفيق بهم في جميع شئونهم من حيث لا يعلمون .

إنه - سبحانه - هو العليم بأحوال خلقه علماً تاماً ، الحكيم في جميع أقواله وأفعاله

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (100)

وقوله : وَرَفَعَ أبَوَيْهِ على العَرْشِ يعني : على السرير . كما :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ : وَرَفَعَ أبَوَيْهِ على العَرْشِ قال : السرير .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن يزيد الواسطيّ ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : العرش : السرير .

قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَرَفَعَ أبَوَيْهِ على العَرْشِ قال : السرير .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، وحدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَرَفَعَ أبَوَيْهِ على العَرْشِ قال : سريره .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : عَلى العَرْشِ قال : على السرير .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : وَرَفَعَ أبَوَيْهِ على العَرْشِ يقول : رفع أبويه على السرير .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : قال سفيان : وَرَفَعَ أبَوَيْهِ على العَرْشِ قال : على السرير .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَرَفَعَ أبَوَيْهِ على العَرْشِ قال : مجلسه .

حدثني ابن عبد الرحيم البرقيّ ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سألت زيد بن أسلم ، عن قول الله تعالى : وَرَفَعَ أبَوَيْهِ على العَرْشِ فقلت : أبلغك أنها خالته ، قال : قال ذلك بعض أهل العلم ، يقولون : إن أمه ماتت قبل ذلك وإن هذه خالته .

وقوله : وخَرّوا لَهُ سُجّدا يقول : وخرّ يعقوبُ وولده وأمه ليوسف سجدا .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : وخَرّوا لَهُ سُجّدا يقول : رفع أبويه على السرير ، وسجدا له ، وسجد له إخوته .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : تَحَمّلَ يعني يعقوب بأهله حتى قدموا على يوسف فلما اجتمع إلى يعقوب بنوه دخلوا على يوسف فلما رأوه وقعوا له سجودا ، وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان أبوه وأمه وإخوته .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَخَرّوا لَهُ سُجّدا وكانت تحية من قبلكم ، كان بها يحييّ بعضهم بعضا ، فأعطى الله هذه الأمة السلام ، تحية أهل الجنة ، كرامة من الله تبارك وتعالى عَجّلَها لهم ونعمة منه .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وَخَرّوا لَهُ سُجّدا قال : وكانت تحية الناس يومئذٍ أن يسجد بعضهم لبعض .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، قال : قال سفيان : وَخَرّوا لَهُ سُجّدا قال : كانت تحية فيهم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : وَخَرّوا لَهُ سُجّدا أبواه وإخوته ، كانت تلك تحيتهم كما تصنع ناس اليوم .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربيّ ، عن جويبر ، عن الضحاك : وَخَرّوا لَهُ سُجّدا قال : تحية بينهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : وَخَرّوا لَهُ سُجّدا قال : قال ذلك السجود تشرفه ، كما سجدت الملائكة لاَدم تشرفة ليس بسجود عبادة .

وإنما عنى من ذكر بقوله : إن السجود كان تحية بينهم ، أن ذلك كان منهم على الخُلُق لا على وجه العبادة من بعضهم لبعض . ومما يدلّ على أن ذلك لم يزل من أخلاق الناس قديما على غير وجه العبادة من بعضهم لبعض ، قول أعشى بني ثعلبة :

فَلَمّا أتانا بُعَيْدَ الكَرَى *** سَجَدْنا لَهُ وَرَفَعْنا العَمَارَا

وقوله : يا أبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبّي حَقّا يقول جلّ ثناؤه : قال يوسف لأبيه : يا أبت هذا السجود الذي سجدت أنت وأمي وإخوتي لي تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ يقول : ما آلت إليه رؤياي التي كنت رأيتها . وهي رؤياه التي كان رآها قبل صنيع إخوته ما صنعوا ، أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدون . قَدْ جَعَلَها رَبّي حَقّا يقول : قد حققها ربي لمجيء تأويلها على الصحة .

وقد اختلف أهل العلم في قدر المدّة التي كانت بين رؤيا يوسف وبين تأويلها فقال بعضهم : كانت مدة ذلك أربعين سنة . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : حدثنا أبو عثمان ، عن سلمان الفارسيّ ، قال : كان بين رؤيا يوسف إلى أن رأى تأويلها أربعون سنة .

حدثني يعقوب بن برهان ويعقوب بن إبراهيم ، قالا : حدثنا ابن عُليَة ، قال : حدثنا سليمان التيميّ ، عن أبي عثمان النهديّ ، قال : قال عثمان : كانت بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويله ، قال : فذكر أربعين سنة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن التيميّ ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن شدّاد ، قال : رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عاما .

قال : حدثنا سفيان ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، مثله .

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ضرار ، عن عبد الله بن شداد أنه سمع قوما يتنازعون في رؤيا رآها بعضهم وهو يصلي ، فلما انصرف سألهم عنها ، فكتموه فقال : أما إنه جاء تأويل رؤيا يوسف بعد أربعين عاما .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن ضرار بن مرّة أبي سنان ، عن عبد الله بن شدّاد ، قال : كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن فضيل وجرير ، عن أبي سنان ، قال : سمعت عبد الله بن شدّاد قوما يتنازعون في رؤيا ، فذكر نحو حديث أبي السائب ، عن ابن فُضَيل .

حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عاما .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن شداد ، قال : وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة ، وإليها تنتهي أقصى الرؤيا .

قال : حدثنا معاذ بن معاذ ، قال : حدثنا سليمان التيميّ ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة .

قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن سليمان التيميّ ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كان بين رؤيا يوسف وبين عبارتها أربعون سنة .

قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا هشيم ، عن سليمان التيميّ ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة .

قال : حدثنا عمرو بن محمد العنقزيّ ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن شدّاد ، قال : كان بين رؤيا يوسف وبين تعبيرها أربعون سنة .

وقال آخرون : كانت مدة ذلك ثمانين سنة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، قال : حدثنا هشام ، عن الحسن ، قال : كان منذ فارق يوسف يعقوب إلى أن التقيا ثمانون سنة لم يفارق الحزن قلبه ، ودموعه تجري على خدّيه ، وما على وجه الأرض يومئذٍ عبد أحبّ إلى الله من يعقوب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن أبي جعفر جسر بن فَرْقَد ، قال : كان بين أن فقد يعقوب يوسف إلى يومَ رُدّ عليه ثمانون سنة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حسن بن عليّ ، عن فضيل بن عياض ، قال : سمعت أنه كان بين فراق يوسف حجر يعقوب إلى أن التقيا ثمانون سنة .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا داود بن مهران ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، عن يونس ، عن الحسن ، قال : أُلقي يوسف في الجبّ وهو ابن سبع عشرة سنة ، وكان بين ذلك وبين لقائه يعقوب ثمانون سنة ، وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة ، ومات وهو ابن عشرين ومئة سنة .

قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن ، نحوه ، غير أنه قال : ثلاث وثمانون سنة .

قال : حدثنا داود بن مهران ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن يونس ، عن الحسن ، قال : ألقي يوسف في الجبّ وهو ابن سبع عشرة سنة ، وكان في العبودية وفي السجن وفي الملك ثمانين سنة ، ثم جمع الله عزّ وجلّ شمله وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : أُلقي يوسف في الجبّ وهو ابن سبع عشرة ، فغاب عن أبيه ثمانين سنة ، ثم عاش بعدما جمع الله له شمله ، ورأى تأويل رؤياه ثلاثا وعشرين سنة ، فمات وهو ابن عشرين ومئة سنة .

حدثنا مجاهد ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا هشيم ، عن الحسن ، قال : غاب يوسف عن أبيه في الجبّ وفي السجن حتى التقيا ثمانين عاما ، فما جفت عينا يعقوب ، وما على الأرض أحد أكرم على الله من يعقوب .

وقال آخرون : كانت مدة ذلك ثمان عشرة سنة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ذُكر لي والله أعلم أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثمان عشرة سنة ، قال : وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها ، وأن يعقوب بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة ، ثم قبضه الله إليه .

وقوله : وَقَدْ أحْسَنَ بِي إذْ أخْرَجَنِي مِنَ السّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ البَدْوِ يقول جلّ ثناؤه مخبرا عن قيل يوسف : وقد أحسن الله بي في إخراجه إياي من السجن الذي كنت فيه محبوسا ، وفي مجيئه بكم من البدو . وذلك أن مسكن يعقوب وولده فيما ذُكر كان ببادية فِلَسْطين كذلك .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : كان منزل يعقوب وولده فيما ذَكر لي بعض أهل العلم بالعَرَبات من أرض فلسطين ثغور الشام ، وبعض يقول بالأولاج من ناحية الشعب ، وكان صاحبَ بادية له إبل وشاء .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، قال : أخبرنا شيخ لنا أن يعقوب كان ببادية فلسطين .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَقَدْ أحْسَنَ بِي إذْ أخْرَجَنِي مِنَ السّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ البَدْوِ وكان يعقوب وبنوه أرض كنعان أهل مواش وبرية .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : وَجاء بِكُمْ مِنَ البَدوِ وقال : كانوا أهل بادية وماشية .

والبدو مصدر من قول القائل : بدا فلان : إذا صار بالبادية يبدو بدوا . وذُكر أن يعقوب دخل مصر هو ومن معه من أولاده وأهاليهم وأبنائهم يوم دخلوها وهم أقلّ من مئة ، وخرجوا منها يوم خرجوا منها وهم زيادة على ستّ مئة ألف . ذكر الرواية بذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا زيد بن الحباب وعمرو بن محمد ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شدّاد ، قال : اجتمع آل يعقوب إلى يوسف بمصر وهم ستة وثمانون إنسانا ، صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم ، وخرجوا من مصر يوم أخرجهم فرعون وهم ستّ مئة ألف ونيف .

قال : حدثنا عمرو ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال : خرج أهل يوسف من مصر وهم ستّ مئة ألف وسبعون ألفا ، فقال فرعون : إن هؤلاء لشرذمة قليلون .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن إسرائيل والمسعودي ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود ، قال : دخل بنو إسرائيل مصر وهم ثلاث وستون إنسانا ، وخرجوا منها وهم ستّ مئة ألف . قال إسرائيل في حديثه . ستّ مئة ألف وسبعون ألفا .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسروق ، قال : دخل أهل يوسف مصر وهم ثلاث مئة وتسعون من بين رجل وامرأة .

وقوله : مِنْ بَعْدِ أنْ نَزَغَ الشّيْطانُ بَيْنِي وبينَ إخْوَتي يعني : من بعد أن أفسد ما بيني وبينهم وجهل بعضنا على بعض ، يقال منه : نَزَغَ الشيطان بين فلان وفلان ، يَنْزَغُ نَزْغا ونُزُوغا .

وقوله : إنّ رَبّي لَطِيفٌ لَما يَشاءُ يقول : إن ربي ذو لطف وصنع لما يشاء ، ومن لطفه وصنعه أنه أخرجني من السجن وجاء بأهلي من البدو بعد الذي كان بيني وبينهم من بُعد الدار وبعد ما كنت فيه من العبودة والرقّ والإسار . كالذي :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّ رَبّي لَطِيفٌ لِمَا يَشاءُ لطف بيوسف وصنع له حتى أخرجه من السجن ، وجاء بأهله من البدو ، ونزع من قلبه نزغ الشيطان وتحريشه على إخوته .

وقوله : إنّهُ هُوَ العَلِيمُ بمصالح خلقه ، وغير ذلك لا يخفى عليه مبادي الأمور وعواقبها . الحَكيمُ في تدبيره .