الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (100)

فأما{[35255]} قوله : { ورفع أبويه على العرش }[ 100 ] فإن السدي ، قال : هما أبوه وخالته ، وذلك أن أم يوسف ماتت ، فتزوج يعقوب{[35256]} [ بعدها ]{[35257]} أختها ، وهي خالة يوسف{[35258]} .

وقال ابن إسحاق : هما أبوه وأمه{[35259]} ، ولم تكن أمه ماتت . وهذا القول اختيار الطبري{[35260]} .

/خ100

وقوله : { وخروا له سجدا }[ 100 ] : قيل : المعنى إن أبا يوسف{[35261]} وأمه ( وإخوته ){[35262]} خروا سجدا{[35263]} ليوسف . وكان تحية القوم في ذلك الوقت السجود ، قاله سفيان ، وابن جريج ، والضحاك ، وقتادة{[35264]} ، وهو مثل : ( السلام عليكم ) في هذه الأمة . جعل لهم عوضا من السجود الذي كان تحية من{[35265]} قبلهم .

وقيل : كان ذلك انحناء{[35266]} ، ولم يكن سقوطا على الأرض . جعل الله منه السلام ، والمصافحة{[35267]} عوضا ، كرامة من الله عز وجل{[35268]} لهذه الأمة ، وهي تحية أهل الجنة{[35269]} .

وقال ابن إسحاق : الهاء في ( له ) لله ، والمعنى : خروا{[35270]} لله سجدا{[35271]} . وقوله : { هذا تاويل رأياي من قبل }[ 100 ] : أي : قال يوسف لأبيه : يا أبت ! هذا السجود الذي سجدتموه لي الساعة ، ( هو ){[35272]} تأويل ما رأيته ، وأنا صبي{[35273]} : إذ رأيت أحد عشر كوكبا ، والشمس والقمر ساجدين لي{[35274]} : فالأحد{[35275]} عشر ( كوكبا ){[35276]} إخوته ، والشمس أمه ، والقمر أبوه . { قد جعلها{[35277]} ربي حقا }[ 100 ] : وكان بين رؤيا يوسف ، وتأويلها أربعون سنة{[35278]} . وقيل : ثمانون سنة ، قاله الحسن ، قال : كان بين أن فارَقَ يعقوب يوسف{[35279]} ( إلى أن اجتمعا ثمانون سنة ){[35280]} ، لم يفارق الحزن قلب يعقوب ، ولا الدمع خديه ، ولم يكن على وجه الأرض ، يومئذ عبد أحب إلى الله عز وجل{[35281]} ، من يعقوب{[35282]} .

وألقي يوسف{[35283]} في الجب ، وهو ابن سبع/ عشر[ ة ]{[35284]} سنة ، ومات بعد التقائه بيعقوب بثلاثة{[35285]} وعشرين سنة . ومات يوسف ، وهو ابن مائة واثنتين وعشرين سنة{[35286]} .

وقال ابن إسحاق : كان بين افتراق يوسف ، ويعقوب{[35287]} إلى أن اجتمعا ، ثماني عشرة سنة ، وأهل الكتاب يزعمون أن مدة الافتراق بينهما أربعون سنة . وأن يعقوب بقي{[35288]} مع يوسف بعد أن اجتمع به سبع عشر[ ة ]{[35289]} سنة ، ثم قبضه الله عز وجل{[35290]} إليه{[35291]} .

قوله{[35292]} : { وقد أحسن بي }[ 100 ] : معناه : أحسن الله بي ، {[35293]} إذ أخرجني من السجن ، وفي مجيئه بكم من البدو{[35294]} . وكان مسكن يعقوب{[35295]} وولده في قول قتادة بأرض كنعان : أهل مواش وبرية{[35296]} والبدو مصدر{[35297]} : بدا فلان ، إذا صار بالبادية{[35298]} .

وروى أهل التواريخ أن يعقوب عليه السلام{[35299]} دخل مصر يوم دخلها هو{[35300]} ، وأولاده ، وأهلوهم ، وبنوهم{[35301]} في أقل من مائة ، وخرجوا منها يوم خرجوا ، إذ أخرجهم فرعون ، وهم أكثر من ستمائة{[35302]} ألف ، فقال فرعون : { إن هؤلاء لشرذمة قليلون }{[35303]} .

وقال ابن مسعود : ( دخل بنو إسرائيل مصر ، وهم ثلاثة وستون إنسانا ، وخرجوا منها وهم ستمائة ألف ){[35304]} .

وحكى{[35305]} الطبري ، وغيره أن يعقوب{[35306]} إنما سمي إسرائيل ، لأن أخاه العَيْصُ تواعد( ه ){[35307]} بالقتل ، فخرج فرارا{[35308]} منه ، فسرى الليل ، وكمن النهار . فسمي إٍسرائيل ، لسريه{[35309]} بالليل .

وقيل : إن إٍسرائيل اسم عبراني تفسيره : عبد الله{[35310]} .

وروى عاصم العمري{[35311]} أن يعقوب ( على نبينا ){[35312]} عليه السلام ، يا رب ! أذهبت بصري ، وأذهبت ولدي ، فما ترحمني ؟ قال : بلى ، وعزتي ! إني لأرحمك ، ولأردن عليك بصرك ، ولو كنت أمت ولدك ، لأردنه{[35313]} عليك . إنما ابتليتك بهذه البلية أنك ذبحت جملا ، فوجد جارك ريحه فلم تطعمه منه . فكان منادي{[35314]} آل يعقوب{[35315]} إذا أصبح نادى في الناس : من كان مفطرا فليتغد عند آل{[35316]} يعقوب ، ومن كان منكم صائما فليفطر عند آل يعقوب{[35317]} .


[35255]:ط: وأما.
[35256]:ط: صم.
[35257]:ساقط من ط.
[35258]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/266-277.
[35259]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/267.
[35260]:انظر: تعليل هذا الاختيار في: جامع البيان 16/267.
[35261]:ط: صم.
[35262]:ساقط من ق.
[35263]:ط: سجدوا ليوسف.
[35264]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/269 و270 معزوا إلى ابن إسحاق وقتادة وابن جريج.
[35265]:ط: بين من.
[35266]:ق: أنحاء.
[35267]:ق: المسافحة.
[35268]:ساقط من ق.
[35269]:انظر: هذا التوجيه بتمامه في: جامع البيان 16/269.
[35270]:ط: وخروا.
[35271]:انظر: هذا التوجيه في: المحرر 9/378، والجامع 9/173 وهو فيهما معزو إلى الحسن.
[35272]:ساقط من ق.
[35273]:ق: أنا فهي.
[35274]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/271.
[35275]:ق: فلا حد.
[35276]:ساقط من ط.
[35277]:ط: قد جعل ذلك.
[35278]:وهو قول سليمان، وأبي عثمان النهدي، وعبد الله بن شداد في: جامع البيان 16/271-273.
[35279]:ط: مطموس.
[35280]:ساقط من ط.
[35281]:ساقط من ق.
[35282]:وهو قول جسر بن فرقد، وفضيل بن عياض في: جامع البيان 16/273.
[35283]:ط: صم.
[35284]:ساقط من ق.
[35285]:ق: بثلاث.
[35286]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/274. وهو أيضا قول مجاهد في: تفسيره 401.
[35287]:ط: صم.
[35288]:ط: يدي. ق: هو مع.
[35289]:ساقط من ق.
[35290]:انظر المصدر السابق.
[35291]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/275.
[35292]:ط: وقوله.
[35293]:ط: في.
[35294]:انظر المصدر السابق.
[35295]:ط: صم.
[35296]:المصدر نفسه.
[35297]:ق: مصر.
[35298]:وهو قول الطبري في: جامع البيان 16/276.
[35299]:ط: صم.
[35300]:في النسختين معا: وهو.
[35301]:ط: وبنوه.
[35302]:في النسختين معا ستة ولعل الصواب ما أثبت.
[35303]:الشعراء: 54، وهو قول عبد الله بن شداد، وابن مسعود في: جامع البيان 16/276، وعزاه أيضا في الجامع 9/176، إلى: عكرمة، وابن عباس، والربيع بن خيثم، ووهب بن منبه.
[35304]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/276، والجامع 9/176.
[35305]:ط: وذكر.
[35306]:ط: صم.
[35307]:ساقط من ق.
[35308]:ط: قبل أن يخرج فارا منه.
[35309]:ط: لسراء.
[35310]:وهو قول ابن عباس في جامع البيان 1/553.
[35311]:ق: السمدي.
[35312]:ساقط من ق.
[35313]:ق: لردته.
[35314]:ق: مدني.
[35315]:ط: صم.
[35316]:ق: عنده إلى.
[35317]:انظر: هذا الخبر مختصرا في: المحرر 9/381.