قوله تعالى : { سيقول السفهاء } . الجهال .
قوله تعالى : { من الناس ما ولاهم } . أي شيء صرفهم وحولهم .
قوله تعالى : { عن قبلتهم التي كانوا عليها } . يعني بيت المقدس والقبلة فعلة من المقابلة . نزلت في اليهود ومشركي مكة طعنوا في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة ، فقالوا لمشركي مكة : قد تردد على محمد أمره فاشتاق إلى مولده وقد توجه نحو بلدكم وهو راجع إلى دينكم .
قوله تعالى : { قل لله المشرق والمغرب } . ملك له والخلق عبيده .
هذا ، وبعد تلك المقدمة الموجزة لما اشتملت عليه آيات تحويل القبلة من مقاصد ، نحب أن نتعرض لتفسيرها بالتفصيل ، فنقول قال الله تعالى :
{ سَيَقُولُ السفهآء مِنَ الناس مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ . . . }
تضمنت هذه الآيات الكريمة إعلام النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أن فريقاً من الناس الذين خفت أحلامهم وضعفت عقولهم وعدولا عما ينفعهم إلى ما يضرهم ، سيقولون على سبيل الإِنكار عند تحويل القبلة إلى المسجد الحرام ، ما صرفهم عن القبلة التي كانوا عليها ، وهي بيت المقدس .
قال صاحب الكشاف : " فإن قلت ، أي فائدة في الإِخبار بقولهم قبل وقوعه ؟ قلت : فائدته أن مفاجأت المكروه أشد ، والعلم به قبل وقوعه أبعد من الاضطراب إذا وقع ، لما يتقدمه من توطين النفس ، وأن الجواب العتيد قبل الحاجة إليه أقطع للخصم وأرد لشغبه " .
والمراد بالسفهاء اليهود الذين استنكروا تحويل القبلة ، ومن لف لفهم من المنافقين ومشركي العرب .
وإنما سماهم الله - تعالى - سفهاء لأنهم سفهوا الحق ، وجحدوه ، وأنكروا نبوة النبي صلى الله عليه وسلم مع علمهم بصدقه في رسالته .
وقد صرح البخاري - رحمه الله - بأن المراد بالسفهاء اليهود ، فقد روى عن البراء بن عازب قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يتوجه إلى الكعبة ، فأنزل الله - تعالى - { قَدْ نرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السمآء } فتوجه نحو الكعبة ، وقال السفهاء من الناس - وهم اليهود - ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها .
ثم لقن الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم الجواب الذي يخرس به ألسنة المعترضين من اليهود وغيرهم ، فقال تعالى : { قُل للَّهِ المشرق والمغرب يَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } .
أي قل لهم - يا محمد - إذا اعترضوا على التحويل : إن الأمكنة كلها لله ملكاً وتصرفاً وهي بالنسبة إليه متساوية ، وله أن يخص بعضها بحكم دون بعض ، فإذا أمرنا باستقبال جهة في الصلاة فلحكمة اقتضت الأمر وما على الناس إلا أن يمتثلوا أمره ، والمؤمنون ما اتخذوا الكعبة قبلة لهم إلا امتثالا لأمر ربهم ، لا ترجيحاً لبعض الجهات من تلقاء أنفسهم فالله هو الذي يهدي من يشاء هدايته ، إلى السبيل الحق ، فيوجه إلى بيت المقدس مدة حيث اقتضت حكمته ذلك ، ثم إلى الكعبة ، حيث يعلم المصلحة فيما أمر به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.