تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{۞سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (142)

السفيه وجمعه سفهاء : الجهال ، ضعاف العقول .

ولاه عن الشيء : صرَفه .

القبلة : ما يستقبل الإنسان . . ثم خصه بالجهة التي يستقبلها المسلمون في الصلاة . لما هاجر الرسول الكريم إلى المدينة مكث ستة أو سبعة عشر شهرا يصلي متوجهاً إلى بيت المقدس . وفي شهر رجب من السنة الثانية من الهجرة أوحي إليه أن يتوجه بالصلاة إلى الكعبة كما يقول ابن عباس . فغضب اليهود من تحويل القبلة هذا ، وجاء نفر من أحبارهم منهم : رفاعة بن قيس وكعب بن الأشرف والربيع ابن أبي الحقيق ، فقالوا : يا محمد ، ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ؟ ! ارجع إلى قبلتك نتبعك ونصدقك . وما كانت أقوالهم هذه الا كذباً ، وما أرادوا بذلك الا فتنة النبي صلى الله عليه وسلم . فأنزل الله تعالى : { سَيَقُولُ السفهآء مِنَ الناس . . } الآية .

سيقول الذين ضعُفت أحلامهم وأضلتهم أهواؤهم من اليهود والمنافقين والمشركين : أي شيء صرفهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ .

قل يا محمد ، إنّ جميع الجهات لله لا فضل لجهة على أُخرى ، وليست صخرة بيت المقدس بأفضل من سائر الصخور ، وكذلك الكعبة والبيت الحرام . وإنما جعل الله للناس قبلة ، لتكون جامعة لهم في عبادتهم ، والله وحده هو الذي يختار ما يشاء ليكون قبلة للصلاة . وهو يهدي بمشيئته كل أمة من الأمم ويلهمها ما فيه الخير لها .