التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (2)

قوله تعالى ( الحمد لله )

قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : لم يذكر لحمده هنا ظرفا مكانيا ولا زمانيا . وذكر في سورة الروم أن من ظروفه المكانية : السموات والأرض في قوله ( وله الحمد في السموات والأرض ) الآية{[234]} .

وذكر في سورة القصص أن من ظروفه الزمانية : الدنيا والآخرة في قوله ( وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى و الآخرة ) الآية{[235]} . وقال في أول سورة سبأ ( وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير ){[236]} {[237]} .

قال الطبري : حدثني علي بن الحسن الخراز ، قال : حدثنا مسلم بن عبد الرحمن الجرمي ، قال : حدثنا محمد بن مصعب القرقساني ، عن مبارك بم فضالة ، عن الحسن ، عن الأسود بن سريع : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس شئ أحب إليه الحمد ، من الله تعالى ، ولذلك أثنى على نفسه فقال ( الحمد لله ) .

ورجاله ثقات إلا مبارك بن فضالة صدوق ، والإسناد حسن . ورواية الحسن البصري عن الأسود بن سريع قيل إنها منقطعة {[238]} . ولكن صرح الحسن البصري بالسماع فيما نقله الضياء المقدسي{[239]} .

وقرر ذلك الإمام البيهقي{[240]} . إضافة إلى ذلك انه على شرط أرباب الصحاح كابن حبان{[241]} ، والحاكم ووافقه الذهبي{[242]} ، والضياء كما تقدم . وقد صححه الأستاذ أحمد شاكر في تحقيقه لتفسير الطبري{[243]} .

قال الطبري : حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال أنبأنا ابن وهب ، قال حدثني عمر بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه قال : أخبرني السلولي عن كعب ، قال : من قال " الحمد لله " فذلك ثناء على الله{[244]} .

أخرجه ابن أبي حاتم من طريق وهيب عن سهيل بن أبي صالح به{[245]} . ورجال إسناده الطبري ثقات إلا سهيل بن أبي صالح .

قال الحافظ ابن حجر : صدوق تغير حفظه بآخره روى له الجماعة ، ورواية البخاري له مقرونا وتعليقا{[246]} . وقد تكلم في روايته عن أبيه وأجاب عن ذلك محمد بن طاهر المقدسي ، بأن سماعه من أبيه صحيح{[247]} . وعلى هذا فالإسناد حسن إلى كعب . وقد رجح ابن كثير هذا التفسير{[248]} .

قوله تعالى ( رب العالمين )

أي رب السموات والسبع والأرضين ومن فيهن وما بينهن حيث بين الله تعالى ذلك مناظرة فرعون لموسى فقال تعالى ( قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما ){[249]} .

وأخرج الطبري عن بشير بن معاذ العقدي قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ( رب العالمين ) قال : كل صنف عالم{[250]} .

وإسناده حسن .

الحمد لله

فضائلها

روى مسلم في صحيحه بإسناده عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملأن ( أو تملأ ) ما بين السموات والأرض . . . الحديث{[251]} .

قال الترمذي : حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ، حدثنا موسى بن إبراهيم ابن كثير الأنصاري/قال سمعت طلحة بن خراش قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد لله .

ثم قال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم وقد روى علي بن المديني وغير واحد عن موسى بن إبراهيم هذا الحديث {[252]} وصححه الألباني{[253]} ، وأخرجه ابن أبي الدنيا{[254]} والخرائطي{[255]} وابن حبان {[256]} كلهم كم طريق موسى بن إبراهيم بن كثير به ، والحديث السابق الصحيح شاهد له .

قال أبو داود : حدثنا أبو توبة ، قال : زعم الوليد ، عن الأوزاعي ، عن قرة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم " .

قال أبو داود : رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا{[257]} .

وأخرجه ابن أبي شيبة{[258]} ، والنسائي{[259]} ، وابن ماجه{[260]} ، وابن حبان{[261]} ، والدارقطني{[262]} ، والبيهقي{[263]} ، كلهم من طريق قرة به ونحوه .

وقال الدارقطني : تفرد به قرة عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وأرسله غيره عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقرة ليس بقوي في الحديث ، ورواه صدقة عن محمد بن سعيد عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يصح الحديث ، وصدقة ومحمد بن سعيد ضعيفان والمرسل هو الصواب{[264]} . وكذا ضعفه الألباني{[265]} . وحسنه النووي ثم قال : وقد روي موصولا كما ذكرنا وروي مرسلا ورواية الموصول جيدة إسناد وإذا روي الحديث موصولا ومرسلا ، فالحكم للاتصال عند جمهور العلماء لأنها زيادة ثقة وهي مقبولة عند الجماهير{[266]} . وحسنه ابن الصلاح والعراقي وابن حجر{[267]} ، والسبكي وذكر تخريج البغوي وابن الصلاح من طريق الأوزاعي عن قرة به{[268]} ، وحسنه السيوطي{[269]} . والعجلوني وقال : ألف فيه السخاوي جزءا{[270]} .


[234]:الروم 18.
[235]:القصص 70.
[236]:سبأ 1.
[237]:أضواء البيان 1/101.
[238]:المراسيل لابن أبي حاتم ص93.
[239]:المختارة 4/742.
[240]:السنن الكبرى 9/77.
[241]:الإحسان 1/171 ح231.
[242]:المستدرك 3/416.
[243]:1/731.
[244]:التفسير رقم 153.
[245]:التفسير رقم 10.
[246]:التقريب ص 259.
[247]:شروط الأئمة الستة ص 12.
[248]:التفسير 1/37.
[249]:الشعراء آية 23.
[250]:التفسير رقم (163).
[251]:كتاب الطهارة –باب فضل الوضوء رقم 322.
[252]:السنن –الدعاء- باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة رقم 3383.
[253]:صحيح سنن ابن ماجة 2/319 رقم 3065 وسلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 1497.
[254]:الشكر ص 21.
[255]:فضيلة الشكر لله على نعمه ص 35.
[256]:موارد الظمآن رقم 2326.
[257]:السنن –الأدب- باب الهدي في الكلام رقم 4840.
[258]:المصنف –الأدب- باب ما قالوا فيما يستحب أن يبدأ به الكلام 9/115 رقم6734.
[259]:عمل اليوم والليلة رقم 494.
[260]:السنن –النكاح- باب خطبة النكاح رقم 1984.
[261]:الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 1/102 وموارد الظمآن رقم 578 و 1993.
[262]:السنن –الصلاة 1/229.
[263]:السنن الكبرى 3/209 وشعب الإيمان كما ذكره الزيلعي في تخريجه لأحاديث الكشاف ل 2 .
[264]:السنن –الصلاة 1/229.
[265]:ضعيف الجامع الصغير 4/147.
[266]:الأذكار ص 94.
[267]:انظر الفتوحات الربانية على الأذكار النووية 3/288،6/63.
[268]:طبقات الشافعية الكبرى 1/15،12،7،6.
[269]:الجامع الصغير بشرح فيض القدير 5/13.
[270]:كشف الخفاء 2/119.