الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (2)

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }[ الفاتحة :2 ] .

الحَمْدُ : معناه الثناء الكاملُ ، والألف واللام فيه لاِستغراقِ الجنس ، من المحامد ، وهو أعم من الشكر ، لأنَّ الشكر إنما يكون على فِعْلٍ جميل يسدى إِلى الشاكر ، والحمد المجرَّد هو ثناء بصفات المحمود .

قال : ( ص ) : وهل الحمدُ بمعنى الشكْر أو الحمدُ أَعمُّ أو الشكر ثناءٌ على اللَّه بأفعاله ، والحمد ثناء عليه بأوصافه ؟ ثلاثةُ أقوال انتهى .

قال الطبريُّ : الحمدُ لِلَّهِ ثناءٌ أثنى به على نفسه تعالى ، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا به عليه ، فكأنه قال قولوا : { الحمد للَّه }[ الفاتحة :2 ] ، وعلى هذا يجيء قولوا : { إِيَّاكَ } ، وَ{ اهدنا }[ الفاتحة :5و6 ] .

قال : وهذا من حذف العربِ ، ما يدلُّ ظاهر الكلام عليه ، وهو كثيرٌ .

( والرب ) في اللغة المعبود ، والسيدُ المالكُ ، والقائمُ بالأمور المُصْلِحُ لما يفسد منها ، فالرب على الإِطلاق هو ربُّ الأرباب على كل جهة ، وهو اللَّه تعالى .

( والعَالَمُونَ ) : جمع عَالَمٍ ، وهو كل موجود سوى اللَّه تعالى ، يقال لجملته عَالَمٌ ، ولأجزائه من الإنس والجن وغير ذلك عَالَمٌ ، عَالَمٌ ، وبحسب ذلك يجمع على العَالَمِينَ . ومن حيثُ عالَمُ الزمانِ متبدِّلٌ في زمان آخر ، حَسُنَ جمعها ، ولفظة العالَمِ جمع لا واحد له من لفظه ، وهو مأخوذ من العَلَمِ ، والعلامة لأنه يدل على موجده ؛ كذا قال الزَّجَّاج ، قال أبو حَيَّان : الألف واللام في العَالَمِينَ لِلاستغراقِ ، وهو جمع سلامة ، مفرده عَالَمٌ ، اسم جمع ، وقياسه ألا يجمع ، وشذَّ جمعه أيضاً جمع سلامة لأنه ليس بعَلَمٍ ولا صفةٍ .

( م ) ، وذهب ابنُ مالك في " شَرْحِ التَّسْهِيلِ " إلى أن ( عَالَمِين ) اسم جمعٍ ، لمن يعقل ، وليس جمع عالمٍ ، لأن العَالَمَ عامٌّ ، و«عالَمِينَ » خاصٌّ ، قلت : وفيه نظر انتهى .