غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (2)

في المباحث اللفظية :

الحمد مبتدأ والله خبره أي الحمد ثابت لله . وأصله النصب الذي هو قراءة بعضهم بإضمار فعله كقولهم شكراً وعجباً وسبحانك ومعاذ الله ، فعدل إلى الرفع للدلالة على ثبات المعنى واستقراره نحو قوله تعالى { قالوا سلاماً قال سلام } [ الذاريات : 25 ] ولهذا كان تحية إبراهيم عليه السلام أحسن من تحيتهم كما جاء { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها } [ النساء : 86 ] ومما يدل على أن أصله النصب أن قوله { إياك نعبد وإياك نستعين } بيان لحمدهم فكأنه قيل : كيف يحمدون ؟ فقيل : إياك نعبد . والأصل توافق الجملتين . واللام في " الحمد " لتعريف الجنس ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من أن الحمد ما هو والاستغراق وهم لأنه لو سلم كونه اللام للاستغراق فحمد أبويه مثلاً لا يدخل فيه . وأيضاً نحو نحمد الله لا يفهم منه إلا حقيقة الحمد من حيث هي فكذا ما ناب منابه وهو الحمد لله . وقرأ بعضهم بكسر الدال إتباعاً ، وبعضهم بضم اللام .

الرب المالك ، ربه يربه فهو رب ، أو مصدر وصف به للمبالغة كالعدل . وهو مطلقاً مختص بالله تعالى ، ومضافاً يجوز إطلاقه على غيره نحو : رب الدار { ارجع إلى ربك } [ يوسف : 50 ] وقرئ بالنصب على المدح أو بتقدير نحمد . والعالم اسم موضوع للجمع كالأنام والرهط ، وهو ما يعقل من الملائكة والثقلين قاله ابن عباس والأكثرون . وقيل : كل ما علم به الخالق من الجواهر والأعراض كقوله تعالى { قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض وما بينهما } [ الشعراء : 23 ، 24 ] فعلى الأول مشتق من العلم وخصوا بالذكر للتغليب ، وعلى الثاني من العلامة وجمع ليشمل كل جنس مما سمي به ، وجمع بالواو والنون تغليباً لما فيه من صفات العقلاء .

فيما يختص بتفسير { الحمد لله } من الفوائد :

الفائدة الأولى في الفرق بين الحمد والمدح والشكر . المدح للحي ولغير الحي كاللؤلؤة والياقوتة الثمينة ، والحمد للحي فقط . والمدح قد يكون قبل الإحسان وقد يكون بعده ، والحمد إنما يكون بعد الإحسان . والمدح قد يكون منهياً عنه قال صلى الله عليه وسلم : " احثوا التراب في وجوه المداحين " والحمد مأمور به مطلقاً قال صلى الله عليه وسلم : " من لم يحمد الناس لم يحمد الله " والمدح عبارة عن القول الدال على أنه مختص بنوع من أنواع الفضائل باختياره وبغير اختياره ، والحمد قول دال على أنه مختص بفضيلة اختيارية معينة وهي فضيلة الإنعام إليك وإلى غيرك ، ولابد أن يكون على جهة التفضيل لا على سبيل التهكم والاستهزاء ، والشكر على النعمة الواصلة إليك خاصة وهو باللسان ، وقد يكون بالقلب والجوارح قال الشاعر :

أفادتكم النعماء مني ثلاثة *** يدي ولساني والضمير المحجبا

والحمد باللسان وحده فهو إحدى شعب الشكر ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لم يحمده " وإنما جعله رأس الشكر لأن ذكر النعمة باللسان والثناء على موليها أشيع لها وأدل على مكانها من الاعتقاد وأداء الجوارح لخفاء عمل القلب ، وما في عمل الجوارح من الاحتمال بخلاف عمل اللسان وهو النطق الذي يفصح عن كل خفي . والحمد نقيضه الذم ولهذا قيل : الشعير يؤكل ويذم . والمدح نقيضه الهجاء ، والشكر نقيضه الكفران ، إذا عرفت ذلك فنقول : إذا قال المدح لله لم يدل ذلك على كونه تعالى فاعلاً مختاراً لما مر أن المدح قد يكون لغير المختار . ولو قال : الشكر لله كان ثناء بسبب إنعام وصل إلى ذلك القائل . وإذا قال : الحمد لله فكأنه يقول سواء أعطيتني أو لم تعطني فإنعامك واصل إلى كل العالمين وأنت مستحق للحمد العظيم ، ولا ريب أن هذا أولى . وقيل : الحمد لله على ما دفع من البلاء ، والشكر لله على ما أعطى من النعماء ، والنعمة في الإعطاء أكثر من النعمة في دفع البلاء فكأنه يقول : أنا شاكر لأدنى النعمتين فكيف بأعلاهما ؟ ويمكن أن يقال : إن المنع غير متناه والإعطاء متناه ، والابتداء بشكر دفع البلاء الذي لا نهاية له أولى ، وأيضاً دفع الضرر أهم من جلب النفع فتقديمه أحرى .

الثانية : لو قال : أحمد الله أفاد كون ذلك القائل على حمده ، وإذا قال : الحمد لله أفاد أنه كان محموداً قبل حمد الحامدين وقبل شكر الشاكرين . وأيضاً الحمد لله معناه أن مطلق الحمد والثناء حق لله وملكه كما ينبئ عنه اللام الجنسية واللام الجارة وذلك بسبب كثرة إيلائه أنواع آلائه على عبيده وإمائه . ولا يخفى أن هذا أولى من أن يحمده شخص واحد فقط ، ولهذا لو سئلت هل حصل لفلان عليك نعمة ؟ فإن قلت نعم فقد حمدته ولكن حمداً ضعيفاً ، ولو قلت في الجواب بل نعمه على كل الخلائق كان أكمل . فإن قيل : أليس أن المنعم يستحق الحمد من المنعم عليه ؟ فالأستاذ يستحق الحمد من التلميذ ، والسلطان العادل يستحق الحمد من الرعية ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من لم يحمد الناس لم يحمد الله " قلنا : المنعم في الحقيقة هو الله لأنه خلق تلك الداعية في ذلك المنعم بعد أن خلق تلك النعمة وسلط المنعم عليها ومكن المنعم عليه من الانتفاع وأمنه من فوات الانقطاع ، ولهذا قال عز من قائل { وما بكم من نعمة فمن الله } [ النحل : 53 ] وأيضاً كل مخلوق ينعم على غيره فإنه يطلب بذلك الإنعام عوضاً إما ثواباً أو ثناء ، أو تحصيل خلق أو تخلصاً من رذيلة البخل . وطالب العوض لا يكون منعماً ولا مستحقاً للحمد في الحقيقة ، أما الله سبحانه فإنه كامل لذاته والكامل لذاته لا يطلب الكمال ، لأن تحصيل الحاصل محال فكان عطاؤه جوداً محضاً ، فثبت أن لا مستحق للحمد إلا الله تعالى .

الثالثة : إنما لم يقل " احمدوا الله " لأن الإنسان عاجز عن الإتيان بحمد الله وشكره فلم يحسن أن يكلف فوق ما يستطيعه ، وذلك أن نعم الله على العباد غير محصورة

{ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } [ إبراهيم : 34 ] وإذا امتنع الوقوف عليها امتنع اقتداره على الشكر والثناء اللائق بها . وأيضاً إنما يمكنه القيام بحمد الله وشكره إذا أقدره الله على ذلك الحمد والشكر وخلق في قلبه داعية ذلك وأزال عنه العوائق والصوارف ، وكل ذلك إنعام من الله فيتسلسل . وأيضاً الاشتغال بالحمد والشكر معناه أن المنعم عليه يقابل إنعام المنعم بشكر نفسه ، ومن اعتقد أن حمده وشكره يساوي نعمة الله فقد أشرك ، وهذا معنى قول الواسطي " الشكر شرك " أما إذا قال : " الحمد لله " فالمعنى أن كمال الحمد حقه وملكه سواء قدر الخلق على الإتيان به أو لم يقدروا . ونقل أن داود عليه السلام قال : يا رب كيف أشكرك وشكري لك لا يتم إلا بإنعامك علي وهو أن توفقني لذلك الشكر ؟ فقال : يا داود لما علمت عجزك عن شكري فقد شكرتني بحسب قدرتك وطاقتك .

الرابعة : عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا أنعم الله على عبد فقال : " الحمد لله " يقول الله تعالى : انظروا إلى عبدي أعطيته ما لا قدر له فأعطاني ما لا قيمة له " ومعناه أن ما أنعم الله على العبد شيء واحد ، وإذا قال : الحمد لك فمعناه المحامد التي أتى بها الأولون والآخرون من الملائكة والثقلين لله تعالى ، وكذا المحامد التي سيذكرونها إلى وقت قوله تعالى { دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيّتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } [ يونس : 10 ] وإلى أبد الآبدين ودهر الداهرين فالمنعم به متناه والحمد غير متناه ، وإذا أسقط المتناهي من غير المتناهي بقي غير المتناهي . فالذي بقي للعبد طاعات غير متناهية فلابد من مقابلتها بنعم غير متناهية ، فلهذا يستحق العبد الثواب الأبدي والخير السرمدي .

الخامسة : لا شك أن الوجود خير من العدم ، وأن وجود كل ما سوى الله فإنه حصل بإيجاد الله وجوده ، فإنعام الله تعالى واصل إلى كل من سواه ، فإذا قال العبد : " الحمد لله " فكأنه قال : الحمد لله على كل مخلوق خلقه ، وعلى كل محدث أحدثه من نور وظلمة وسكون وحركة وعرش وكرسي وجني وإنسي وذات وصفة وجسم وعرض من أزل الآزال إلى أبد الآباد ، وأنا أشهد أنها بأسرها لك لا شركة لأحد فيها معك .

السادسة : التسبيح مقدم على التحميد لأنه يقال : سبحان الله والحمد لله . فما السبب في وقع البداءة بالتحميد ؟ والجواب أن التسبيح داخل في التحميد دون العكس ، فإن التسبيح يدل على كونه مبرأ في ذاته وصفاته عن النقائص ، والتحميد يدل على كونه محسناً إلى العباد ، ولا يكون محسناً إليهم إلا إذا كان عالماً بجميع المعلومات ليعلم مواقع الحاجات وإلا إذا كان قادراً على المقدورات ليقدر على تحصيل ما يحتاجون إليه ، وإلا إذا كان غنياً في نفسه وإلا شغله حاجة نفسه عن حاجة غيره ، فثبت أن كونه محسناً لا يتم إلا بعد كونه منزهاً عن النقائص والآفات .

السابعة : الحمد له تعلق بالماضي وهو وقوعه شكراً على النعم السابقة ، وتعلق بالمستقبل وهو اقتضاء تجدد النعم لقوله تعالى { لئن شكرتم لأزيدنكم } [ إبراهيم : 7 ] فبالأول يغلق عنك أبواب النيران ، وبالثاني يفتح لك أبواب الجنان ، فإن الحمد لله ثمانية أحرف بعدد أبواب الجنة .

الثامنة : الحمد لله كلمة جليلة لكنه يجب أن تذكر في موضعها ليحصل المقصود . قال السري : منذ ثلاثين سنة أستغفر الله لقولي مرة واحدة الحمد لله . وذلك أنه وقع الحريق في بغداد وأحرقت دكاكين الناس فأخبرني واحد أن دكاني لم يحترق فقلت : الحمد لله . وكان من حق الدين والمروءة أن لا أفرح بذلك ، فأنا في الاستغفار منذ ثلاثين سنة . فالحمد على نعم الدين أفضل من الحمد على نعم الدنيا ، والحمد على أعمال القلوب أولى من الحمد على أعمال الجوارح ، والحمد على النعم من حيث إنها عطية المنعم أولى من الحمد عليها من حيث هي نعم ، فهذه مقامات يجب اعتبارها حتى يقع الحمد في موضعه اللائق به .

التاسعة : أول ما بلغ الروح إلى سرة آدم عطس فقال : { الحمد لله رب العالمين } وآخر دعوى أهل الجنة { الحمد لله رب العالمين } . ففاتحة العالم مبنية على الحمد وخاتمته مبنية على الحمد ، فاجتهد أن يكون أول أعمالك وآخرك مقروناً بكلمة الحمد .

العاشرة : لا يحسن عندنا أن يقدّر قولوا : " الحمد لله " لأن الإضمار خلاف القياس ، ولأن الولد إذا قال لولده : أعمل كذا وكذا فلم يمتثل كان عاقاً ، فالأولى أن يقول الأمر الفلاني ينبغي أن يفعل . ثم إن كان الولد باراً فإنه يجيبه ويطيعه وإن كان عاقاً كان إثمه أقل ، فكذلك إذا قال : الحمد لله فمن كان مطيعاً حمده ومن كان عاصياً كان إثمه أقل ، بخلاف ما لو قدر " قولوا الحمد لله " .

الحادية عشرة : شنعت الجبرية على المعتزلة ومن يجري مجراهم بأنكم تثبتون للعبد فعلاً واختياراً ، واستحقاق الحمد إنما يكون على أشرف النعم وهو الإيمان ، فلو كان الإيمان بفعل العبد لكان المستحق للحمد هو العبد . والجواب أن الإيمان باختيار العبد لكن الاختيار أيضاً مستند إلى الله تعالى فاستحق الحمد لذلك . وشنعت المعتزلة على الجبرية بأن قوله " الحمد لله " لا يتم إلا على مذهبنا لأن المستحق للحمد على الإطلاق هو الذي لا قبح في فعله ولا جور في قضيته ، وعندكم لا قبح إلا وهو فعله ، ولا جور إلا وهو حكمه . والجواب أن القبح والجور إنما يثبتان لو أمكن تصور الفعل المخصوص في القابل المخصوص أحسن وأتم مما صدر لكنه محال ، فإنه تعالى حكيم وكل ما يصدر عن الحكيم كان على أفضل ما يمكن بالنسبة إلى المحل المخصوص .

الثانية عشرة : اختلفوا في أن شكر المنعم واجب عقلاً أو شرعاً . فمنهم من قال عقلاً ومن جملة أدلتهم قوله " الحمد لله " فإنه يدل على ثبوت الاستحقاق على الإطلاق . وأيضاً عقبه بقوله { رب العالمين } وترتيب الحكم على الوصف المناسب يدل على كون ذلك الحكم معللاً بذلك الوصف ، فدل ذلك على أن استحقاقه للحمد ثابت بكونه رباً للعالمين قبل مجيء الشرع وبعده . والجواب أن استحقاقه لمثل هذا الحمد عرفناه من قبل الشرع . واعلم أن الحمد سبيله سبيل سائر الأذكار والعبادات في أنها إنما يؤتى بها لا لأن الله تعالى مستكمل بها ولا لأنه تعالى مجازي بها ، ولكنها لتحقيق نسبة العبودية وإضافة الإمكان الله حسبي .

الخامس في فوائد قوله { رب العالمين } .

الأولى : الموجود إما واجب لذاته وهو الله سبحانه وتعالى فقط ، وإما ممكن لذاته وهو كل ما سواه ويسمى العالم كما مر ، وذلك إما متحيز أو صفة للمتحيز أو لا هذا ولا ذاك .

القسم الأوّل : إن كان قابلاً للقسمة فهو الجسم وإلا فالجوهر الفرد . فالجسم إما علوي أو سفلي ، والعلوي كالسماويات ويندرج فيها العرش والكرسي وسدرة المنتهى واللوح والقلم والجنة والكواكب ، والسفلي إما بسيط وهو العناصر الأربعة : الأرض بما عليها وفيها والماء وهو البحر المحيط وما يتشعب منه في القدر المكشوف من الأرض ، والهواء ومنه كرة البخار وكرة النسيم ومنه الهواء الصافي والنار . وإما مركب وهو المعادن والنبات والحيوان على تباين أنواعها وأصنافها . القسم الثاني : الأعراض بأجناسها وأنواعها . القسم الثالث : الأرواح وهي إما سفلية خيرة كالجن ، أو شريرة كالشياطين . وإما علوية متعلقة بالأجسام كملائكة السماوات قال صلى الله عليه وسلم : " ما في السماوات موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو قاعد " أو غير متعلقة وهي الملائكة المقربون { وما يعلم جنود ربك إلا هو } [ المدثر : 31 ] ولأن كل موجود سوى الواجب يحتاج إلى الواجب في الوجود . وفي البقاء أيضاً فهو إله العالمين من حيث إنه أخرجها من العدم إلى الوجود ، ورب العالمين من حيث إنه يبقيها حال استقرارها . فكل من كان أكثر إحاطة بأحوال الموجودات وتفاصيلها كان أكثر وقوفاً على تفسير قوله { رب العالمين } .

الثانية : المربي قسمان : أحدهما أن يربي ليربح عليهم ، والثاني أن يربي ليربحوا عليه . والأول شأن المخلوقين الذين غرضهم من التربية إما ثواب أو ثناء أو تعصب أو غير ذلك ، والثاني دأب الحق سبحانه وتعالى كما قال : " خلقتكم لتربحوا عليّ لا لأربح عليكم " وكيف لا يربحون عليه وأنه متعال عن الاستكمال منزه عن أن يحدث في خزائنه بسبب التربية والإفادة والإفاضة اختلال يحب الملحين في الدعاء

{ ويزيد في الخلق ما يشاء } [ فاطر : 1 ] يكفي علمه من المقال ويغني كرمه عن السؤال { وسع كل شيء علماً } [ طه : 98 ] ويربي كل حي كرماً وحلماً { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين } [ المؤمنون : 12 ، 13 ، 14 ] { فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً متاعاً لكم ولأنعامكم } [ عبس : 24 - 32 ] { ألم نجعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً وخلقناكم أزواجاً وجعلنا نومكم سباتاً وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً وبنينا فوقكم سبعاً شداداً وجعلنا سراجاً وهاجاً وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً لنخرج به حباً ونباتاً وجناتٍ ألفافاً } [ النبأ : 6-16 ] .

الثالثة : لما كان الله أحسن الأسماء عقبه بأكمل الصفات وهو { رب العالمين } إذ معناه أن وجود ما سواه فائض عن تربيته ، وإحسانه وجوده وامتنانه ، فالأول يدل على التمام والثاني على أنه فوق التمام .

الرابعة : رب العالمين ثم إنه يربيك كأنه ليس له عبد سواك وهو الله الواحد الأحد الصمد ، وأنت تخدمه كأنّ لك أرباباً غيره فما إنصافك أيها الإنسان ؟ { قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمان } [ الأنبياء : 42 ] خلقت لعبادة الرب فلا تهدم حقيقتك بمعصية الرب ، الآدمي بنيان الرب ملعون من هدم بنيان الرب .