التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ} (7)

قوله تعالى ( صراط الذين أنعمت عليهم )

والذين انعم الله عليهم هم : الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون ، قال الله تعالى ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ){[320]} .

قوله تعالى ( غير المغضوب عليهم )

والمغضوب عليهم هم : اليهود . قال الله تعالى فيهم ( فباءوا بغضب على غضب ){[321]} . وقال أيضا ( قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل ){[322]} .

وثبت ذلك أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال الإمام أحمد : ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن بديل العقيلي ، أخبرني عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى وهو على فرسه فسأله رجل من بني القين فقال يا رسول الله : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء المغضوب عليهم وأشار إلى اليهود . قال : فمن هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الضالين يعني النصارى ، قال وجاءه رجل فقال : استشهد مولاك أو قال غلامك فلان قال : بل يجر إلى النار في عباءة غلها{[323]} . وأخرجه الطبري من طريق عبد الرزاق به وصححه أحمد شاكر{[324]} ، وذكر ابن كثير رواية ابن مردويه من طريق إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن أبي ذر مرفوعا مقتصرا على الشاهد{[325]} . وذكر الحافظ ابن حجر رواية ابن مردويه وحسن الإسناد{[326]} وأخرجه أحمد{[327]} والترمذي من طريق سماك بن حرب قال : سمعت عباد بن حبيش يحدث عن عدي ابن حاتم فذكره مرفوعا ومطولا ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب{[328]} . وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق سماك أيضا به{[329]} . ولكن الطبري أخرجه من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عدي مقتصرا على الشاهد{[330]} .

قوله تعالى ( ولا الضالين )

والضالون : هم النصارى كما قال تعالى ( ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا عن سواء السبيل ){[331]} .

وهؤلاء هم النصارى كما صرح بذلك الطبري {[332]} وابن كثير{[333]} ، بل قال ابن كثير : وأخص أوصاف النصارى الضلال . وأيضا فإن السياق يدل على أنهم النصارى لأن الآيات التي قبلها صريحة في النصارى قال تعالى ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح . . . ){[334]} . وثبت هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بالضالين هم : النصارى . كما تقدم من حديث أبي ذر وعدي بن حاتم ، وقال ابن أبي حاتم بعد أن ساق حديث عدي : ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافا{[335]} . وقال أبو الليث السمرقندي : وقد أجمع المفسرون أن المغضوب عليهم أراد به اليهود ، والضالين أراد به النصارى{[336]} .

ختام السورة:

ذكر آمين وفضلها

أخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فقولوا آمين ، فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه{[1]} .

وأخرج مسلم بسنده عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، قال : صليت مع أبي موسى الأشعري صلاة ، فلما كان عند القعدة قال رجل من القوم : أقرت{[2]} الصلاة بالبر والزكاة ؟ قال : فلما قضى أبو موسى الصلاة وسلم انصرف ، فقال : أيكم القائل كلمة كذا وكذا ؟ قال : فأرم القوم{[3]} ، ثم قال : أيكم القائل كلمة كذا وكذا ؟ فأرم القوم فقال : لعلك يا حطان قلتها قال : ما قلتها ولقد رهبت أن تبكعني{[4]} ، بها فقال رجل من القوم أنا قلتها ، ولم أرد بها إلا الخير ، فقال أبو موسى : أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم ؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا ، فقال : إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ، ثم ليؤمكم أحدكم ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فقولوا : آمين . يجبكم الله . . . . {[5]} .

قال الإمام أحمد ثنا علي بن عاصم ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن عمر بن قيس ، عن محمد بن الأشعث ، عن عائشة قالت : بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ استأذن رجل من اليهود ، فأذن له فقال : السام عليك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وعليك قالت : فهممت أن أتكلم ، قالت : ثم دخل الثانية فقال مثل ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وعليك قالت : ثم دخل الثالثة فقال السام عليك ، قالت : فقلت : بل السام عليكم وغضب الله إخوان القردة والخنازير ، أتحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يحيه به الله ؟ قالت : فنظر إلي فقال : مه إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ، قالوا قولا فرددناه عليهم فلم يضرنا شيئا ولزمهم إلى يوم القيامة إنهم لا يحسدوننا على شئ كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين{[6]} .

أخرجه ابن ماجة من طريق سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعا مقتصرا على الشاهد بلفظ : " ما حسدتكم اليهود على شئ ما حسدتكم على السلام والتأمين " {[7]} .

وصحح المنذري{[8]} البوصيري{[9]} إسناد ابن ماجة ، وذكر المنذري أن الطبراني رواه في المعجم الأوسط بإسناد حسن . وصححه مغلطاي{[10]} ، والألباني{[11]} .

وكلمة آمين ليست من القرآن الكريم .


[1]:- رواه السخاوي من طريق أبي العباس الدغولي عنه (فتح المغيث 3/3).
[2]:- تقدمة الجرح والتعديل ص 5.
[3]:- ساق أغلب أسانيده في مقدمة كتابه.
[4]:- انظر الذيل على طبقات الحنابلة 3/274-276 والأعلام 3/292.
[5]:- طبعته ونشرته مكتبة الدار بالمدينة المنورة.
[6]:- وهو المنسوب إلى مجاهد انظر استدراكات على كتاب التراث العربي في كتب التفسير والقراءات بقلمي نُشرت في مجلة الجامعة الإسلامية عدد 85-100 ص 182-186.
[7]:- يوجد نصفه تقريباً وقد حقق بجامعة أم القرى لنيل ثلاث عشرة رسالة دكتوراه وماجستير.
[8]:- يوجد قطعة منهما في حواشي تفسير ابن أبي حاتم المجلد الثاني.
[9]:- يوجد نصفه وقد صورته من مكتبة الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله عن نسخة الإسكندرية بمصر.
[10]:- توجد قطعة منه في مكتبة الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله.
[11]:- يحقق بجامعة أم القرى وقد أتحفني الأخ د. عبد العزيز العثيم بقطعة منه.
[320]:سورة النساء آية 69 وانظر تفسير الطبري 1/178.
[321]:سورة البقرة 90.
[322]:سورة المائدة 60،وانظر تفسير الطبري 1/185،وأضواء البيان1/106.
[323]:المسند 5/33،32 5/77.
[324]:التفسير رقم 198.
[325]:التفسير 1/46.
[326]:فتح الباري 8/159.
[327]:المسند4/379،384.
[328]:السنن –التفسير- باب ومن سورة الفاتحة 5/203،202.
[329]:التفسير رقم 41.
[330]:التفسير رقم 207.
[331]:سورة المائدة 77.
[332]:التفسير 1/487.
[333]:التفسير 3/149،148.
[334]:سورة المائدة 73.
[335]:التفسير 1/163.
[336]:بحر العلوم1/242.