التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{الٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

فضائلها

أخرج مسلم بسنده عن معاوية ( يعني : ابن سلام ) عن زيد ، أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني أبو أمامة الباهلي ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اقرأوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ، اقرأوا الزهراوين : البقرة وسورة آل عمران ، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان ، أو كأنهما غيايتان ، أو كأنهما فرقان من طير صواف ، تحاجان عن أصحابهما ، اقرأوا سورة البقرة . فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا يستطيعان البطلة " ، وقال معاوية : بلغني ان البطلة السحرة .

( الصحيح –صلاة المسافرين –رقم 804 ، ب قراءة القرآن وسورة البقرة ) .

وأخرج أيضا بإسناده عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تجعلوا بيوتكم مقابر . إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة " .

( الصحيح –صلاة المسافرين –رقم 780 ، ب استحباب صلاة النافلة ) .

وأخرج الشيخان بسنديهما عن أسيد بن حضير قال : بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوط عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكنت الفرس ، فقرأ فجالت الفرس ، فسكت وسكتت الفرس ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف وكان ابنه يحيى قريبا منها فأشفق أن نصيبه فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها ، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اقرأ يا ابن حضير ، اقرأ يا ابن حضير ، قال فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى ، وكان منها قريبا ، فرفعت رأسي فانصرفت إليه ، فرفعت رأسي إلى السماء ، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح ، فخرجت حتى لا أراها ، قال وتدري ما ذاك ؟ قال : لا ، قال : تلك الملائكة دنت لصوتك . ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها ، لا تتوارى منهم .

( صحيح البخاري 9/93 ح5018 –فضائل القرآن ، ب نزول السكينة والملائكة ) ، و ( صحيح مسلم رقم 796 –صلاة المسافرين ، ب نزول السكينة لقراءة القرآن ) . واللفظ للبخاري .

وقال الإمام احمد : ثنا سليمان بن داود ، قال : أخبرنا حسين قال : ثنا إسماعيل بن جعفر ، قال : أخبرني عمرو بن حبيب بن هند الأسلمي عن عروة ، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أخذ السبع الأول فهو حبر .

( المسند6/73 ) ، ذكره الهيثمي ثم قال : رواه أحمد والبزار رجال الصحيح غير حبيب بن هند الأسلمي وهو ثقة ( مجمع الزوائد7/162 ) ، وأخرجه الحاكم من طريق إسماعيل بن جعفر به ، وصححه ووافقه الذهبي( المستدرك 1/564 ) ، وقد خرج هذا الحديث الشيخ محمد رزق طرهوني تخريجا وافيا وتوصل إلى تصحيحه أيضا ( موسوعة فضائل سور وآيات القرآن 1/125 ، 124 ) .

قوله تعالى ( الم )

قال الدارمي : حدثنا أبو عامر قبيصة انا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الاحوص عن عبد الله قال : تعلموا هذا القرآن ، فإنكم تؤجرون بتلاوته بكل حرف عشر حسنات ، أما إني لا أقول ب( ألم ) ، ولكن بألف ، ولام ، وميم بكل حرف عشر حسنات .

( سنن الدارمي2/429-ك فضائل القرآن ، ب فضل من قرأ القرآن ) ، أخرجه القاسم ابن منده في الرد على من يقول الم حرف ( ص44 )من طريق عبد الرزاق عن سفيان به . وقد صححه الألباني في عدة مواضع( انظر السلسلة الصحيحة رقم 660 ، وصحيح الجامع رقم 6345 ) .

وقد توقف في تفسير هذه الآية وغيرها من الحروف المقطعة جمع من العلماء كالخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم وغيرهم من الصحابة والتابعين وأتباعهم ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه فسرها ، فيستحسن ان نقول : الله اعلم بالمراد منها ، ولكن ثبت عن بعض المفسرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم انهم بينوا تفسيرها واختلفوا فيه وأسوق هنا ما ثبت عنهم من الأوجه الآتية :

الوجه الأول : أنها قسم أقسم الله به وهو من أسمائه .

وأخرج الطبري : بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : هو قسم أقسم الله به ، وهو من أسماء الله .

وأخرج الطبري من طريق يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية فال : حدثنا خالد الحذاء ، عن عكرمة قال ( الم ) قسم .

وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي سعيد الأشج عن ابن علية به .

ورجاله ثقات وإسناده صحيح .

الوجه الثاني : أنها فواتح يفتح الله بها القرآن .

قال الطبري : حدثنا أحمد بن حازم الغفاري قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان عن مجاهد قال ( الم ) فواتح .

( ورجاله ثقات إلا أحمد بن حازم الغفاري وهو أبو عمرو الكوفي صاحب المسند ذكره ابن حيان في الثقات وقال : كان متقنا ت 276 ه ( انظر تذكرة الحفاظ ص 594 ) . هذا وقد رواه الطبري من طرق أخرى إلى مجاهد ، وأبو نعيم هو الفضل بن دكين . فالإسناد صحيح ) .

الوجه الثالث : أنها اسم من أسماء القرآن .

قال عبد الرزاق الصنعاني : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله ( الم ) قال : اسم من أسماء القرآن .

( ورجاله ثقات وإسناده صحيح ، وأخرجه الطبري ، وابن أبي حاتم ، من طريق الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق به ) .

الوجه الرابع : أنها اسم من أسماء الله .

قال البيهقي : وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، ثنا دعلج بن أحمد ، ثنا محمد بن سليمان ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن السدي قال : فواتح السور من أسماء الله عز وجل .

( الأسماء والصفات ص 120 ) ، وإسناده صحيح إلى السدي –وهو الكبير- فرجاله ثقات إلى السدي إلا محمد بن سليمان وهو ابن الحارث الباغندي اختلف فيه ( انظر لسان الميزان 5/186 وسير أعلام النبلاء 13/386 ) ، ولكن قد روي من طرق أخرى إلى السدي ( انظر تفسير الطبري رقم 233-235 ) .