التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَلَقَدۡ هَمَّتۡ بِهِۦۖ وَهَمَّ بِهَا لَوۡلَآ أَن رَّءَا بُرۡهَٰنَ رَبِّهِۦۚ كَذَٰلِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوٓءَ وَٱلۡفَحۡشَآءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ} (24)

قوله تعالى { ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين }

قال الشيخ الشنقيطي : ظاهر هذه الآية الكريمة قد يفهم منه أن يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام هم بأن يفعل مع تلك المرأة مثل ما همت هي به منه ، ولكن القرآن العظيم بين براءته عليه الصلاة والسلام من الوقوع فيما لا ينبغي حيث بين شهادة كل من له تعلق بالمسألة ببراءته ، وشهادة الله له بذلك واعتراف إبليس به . أما الذين لهم تعلق بتلك الواقعة فهم ، يوسف ، والمرأة ، وزوجها ، والنسوة ، والشهود . أما جزم يوسف بأنه بريء من تلك المعصية فذكره تعالى في قوله : { هي راودتني عن نفسي } وقوله : { قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه } الآية . وأما اعتراف المرأة بذلك ففي قولها للنسوة : { ولقد راودته عن نفسه فاستعصم } وقولها : { الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } . وأما اعتراف زوج المرأة ففي قوله : { وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين } الآية . وأما شهادة الله عز وجل ببراءته ففي قوله : { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } .

قال البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمان ، عن أبي الزناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله : " إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها ، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة ، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها ، فاكتبوها له حسنة ، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة " .

( الصحيح البخاري13/473ح7501-ك التوحيد ، ب قول الله تعالى { يريدون أن يبدلوا كلام الله } وأخرجه مسلم ( الصحيح1/117 ح128-ك الإيمان ، ب إذا هم العبد بحسنة . . . ) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد : { لولا أن رأى برهان ربه } قال : يعقوب .

قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله جل ثناؤه أخبر عن هم يوسف وامرأة العزيز كل واحد منهما بصاحبه ، لولا أن رأى يوسف برهان ربه ، وذلك آية من الله زجرته عن ركوب ما هم به يوسف من الفاحشة ، وجائز أن تكون تلك الآية صورة يعقوب ، وجائز أن تكون صورة الملك ، وجائز أن يكون الوعيد في الآيات التي ذكرها الله في القرآن على الزنا ، ولا حجة للعذر قاطعة بأي ذلك كان من أي . والصواب أن يقال في ذلك ما قاله الله تبارك وتعالى والإيمان به ، وترك ما عدا ذلك إلى عالمه .