نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (199)

ولما قبح{[8784]} عليهم{[8785]} ما كانوا عليه من المخالفة في الوقوف بالنسبة إلى الضلال بالجملة الاسمية مؤكدة بأنواع التأكيد {[8786]}وكان ما مضى من ذكر الإفاضة ليس بقاطع في الوجوب{[8787]} أشار لهم إلى تعظيم ما هداهم له من الموافقة بأداة التراخي فقال عاطفاً على ما{[8788]} تقديره : فلا تفيضوا من المشعر الحرام الإفاضة التي كنتم تخالفون فيها الناس {[8789]}دالاً على تفاوت الإفاضتين وبعد ما بينهما على وجه معلم بالوجوب{[8790]} : { ثم } أي بعد طول{[8791]} تلبسكم بالضلال أنزلت عليكم في هذا الذكر الحكيم الذي أبيتموه{[8792]} وهو {[8793]}عزكم وشرفكم{[8794]} لا ما ظننتم أنه شرف لكم بالتعظم{[8795]} على الناس بمخالفة الهدى {[8796]}في الوقوف بالمزدلفة والإفاضة منها{[8797]} { أفيضوا } أي إذا قضيتم{[8798]} الوقوف . وقال الحرالي : لما كان للخطاب ترتيب للأهم فالأهم كما كان{[8799]} للكيان{[8800]} ترتيب للأسبق فالأسبق كان حرف المهلة{[8801]} الذي هو ثم ، يقع تارة لترتيب{[8802]} الكيان وتارة لترتيب الإخبار فيقول القائل مثلاً : امش{[8803]} إلى حاجة كذا{[8804]} - تقديماً في الخبر للأهم{[8805]} - ثم ليكن{[8806]} خروجك من موضع كذا ، فيكون السابق في الكيان متأخراً بالمهلة{[8807]} في الإخبار ، فمن معنى ذلك قوله - انتهى{[8808]} . ثم أفيضوا{[8809]} أيها الحمس ! { من حيث أفاض الناس } أي معظمهم{[8810]} وهو عرفات ، إلى المشعر الحرام لتبيتوا{[8811]} به ، وروى البخاري في التفسير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : " كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمعون الحمس{[8812]} وكان سائر العرب يقفون بعرفات فلما جاء الإسلام أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات ثم يقف بها{[8813]} ثم يفيض منها فذلك قوله سبحانه وتعالى { ثم أفيضوا } " الآية ، { {[8814]}واستغفروا الله{[8815]} } {[8816]}أي اطلبوا {[8817]}من ذي الجلال والإكرام{[8818]} أن يغفر لكم ما كنتم تفعلونه أيام جاهليتكم من مخالفة الهدى في الوقوف و{[8819]}ما يبقى{[8820]} في الأنفس من آثار تلك العادة ومن غير ذلك من النقائص التي يعلمها الله منكم . قال الحرالي : والعادات{[8821]} أشد ما على المتعبدين والطريق إلى الله تعالى بخلعها{[8822]} ، وقد كان جدالهم أي في وقوفهم في الحرم بغير علم لأن العلم يقتضي أن الواقف خائف والخائف لا يخاف في الحرم لأن الله سبحانه وتعالى جعل الحرم آمناً ، فمن حق الوقوف أن يكون في الحل فإذا أمن دخل الحرم وإذا دخل الحرم أمن - انتهى . {[8823]}وأظهر{[8824]} الاسم الشريف تعريفاً{[8825]} للمقام وإعلاماً بأنه موصوف بما يصفه به على وجه العموم من غير نظر إلى قيد ولا حيثية{[8826]} فقال : { إن الله } ذا{[8827]} الكمال { غفور } أي ستور ذنب من استغفره { رحيم * } أي بليغ{[8828]} الرحمة يدخل المستغفر في جملة المرحومين الذين لم يبد منهم ذنب فهو يفعل بهم من الإكرام فعل الراحم بالمرحوم ليكون التائب من الذنب كمن لا ذنب له .


[8784]:في الأصل: فتح والتصحيح من م ومد وظ.
[8785]:زيد من م ومد وظ.
[8786]:ليست في ظ.
[8787]:ليست في ظ.
[8788]:ليس في م.
[8789]:ليست في ظ.
[8790]:ليست في ظ.
[8791]:ليس في ظ.
[8792]:في الأصل وظ: اتيتموه؛ والتصحيح من م ومد.
[8793]:في م وظ ومد: شرفكم وعزكم.
[8794]:في م وظ ومد: شرفكم وعزكم.
[8795]:من م ومد وظ، وفي الأصل: بالتعظيم
[8796]:ليست في ظ
[8797]:ليست في ظ.
[8798]:في م: أفضتم
[8799]:في ظ: إن
[8800]:في الأصل: للكتاب، والتصحيح من م ومد وظ
[8801]:في الأصل: المهمة، والتصحيح من م ومد وظ.
[8802]:في الأصل: لترهب والتصحيح من م ومد وظ.
[8803]:في مد: أمس
[8804]:ليس في م
[8805]:من م وظ ومد وفي الأصل: الأهم
[8806]:في م: لكن.
[8807]:في الأصل: المهمة والتصحيح من م ومد وظ.
[8808]:ليس في م.
[8809]:زيد في ظ: أي.
[8810]:من م ومد وفي الأصل: يعطهم، وفي ظ: كافة.
[8811]:في ظ: ليبيتوا.
[8812]:من م وظ، وفي الأصل ومد: الخمس.
[8813]:في الأصل: لها والتصحيح من م ومد وظ.
[8814]:في الأصل: استغفر الله والتصحيح من بقية الأصول.
[8815]:في الأصل: استغفر الله والتصحيح من بقية الأصول.
[8816]:أمرهم بالاستغفار في مواطن مظنة القبول وأماكن الرحمة وهو طلب الغفران من الله باللسان مع التوبة بالقلب إذ الاستغفار باللسان دون التوبة بالقلب غير نافع، وأمروا بالاستغفار وإن كان فيهم من لم يذنب كمن بلغ قبيل الإحرام ولم يقارف ذنبا وأحرم فيكون الاستغفار من مثل هذا لأجل أنه ربما صدر منه تقصير في أداء الواجبات والاحتراز من المحظورات وظاهر هذا الأمر أنه ليس طلب غفران من ذنب خاص بل طلب غفران الذنوب، وقيل: إنه أمر لطلب غفران خاص – البحر المحيط 2 / 101.
[8817]:في ظ: منه.
[8818]:في ظ: منه.
[8819]:في م ومد وظ: مما تبقى.
[8820]:في م ومد وظ: مما تبقى.
[8821]:من م ومد وظ وفي الأصل: العبادات.
[8822]:من م ومد وظ، وفي الأصل: يخلعها.
[8823]:العبارة من هنا إلى "فقال" ليست في ظ.
[8824]:من م ومد وفي الأصل: الأظهر.
[8825]:في م ومد : تعظيما.
[8826]:من م ومد وفي الأصل: حينية – كذا.
[8827]:من م ومد وظ، وفي الأصل: ذو.
[8828]:من م وظ ومد، وفي الأصل: يتبع.