السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (199)

{ ثم أفيضوا } يا قريش { من حيث أفاض الناس } وذلك أنهم وحلفاءهم ومن دان بدينهم وهم الحمس كانوا يقفون بالمزدلفة وسائر الناس بعرفة ويرون ذلك ترفعاً عليهم ، ويقولون : نحن أهل الله وقطان حرمه ، ولا نخرج منه ، فأمروا أن يساووهم ، وثم للترتيب في الذكر ، وفي الكلام تقديم وتأخير تقديره : فمن فرض فيهن الجمع فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ، ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ، وقيل : لتفاوت ما بين الإفاضتين أي : لتراخي الثانية عن الأولى رتبة إذ الأولى هي الصواب والثانية خطأ كما في قولك : أحسن إلى الناس ، ثم لا تحسن إلى غير كريم ، فإنك تأتي بثم لتفاوت ما بين الإحسان إلى الكريم وإلى غيره وبعد ما بينهما وقيل : ثم بمعنى الواو كما في قوله تعالى : { ثم كان من الذين آمنوا } ( البلد ، 17 ) { واستغفروا الله } من ذنوبكم في تغيير المناسك وغيره { إنّ الله غفور رحيم } يغفر ذنوب المستغفر وينعم عليه .