جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالٖ فِيهِۖ قُلۡ قِتَالٞ فِيهِ كَبِيرٞۚ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفۡرُۢ بِهِۦ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَإِخۡرَاجُ أَهۡلِهِۦ مِنۡهُ أَكۡبَرُ عِندَ ٱللَّهِۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَكۡبَرُ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْۚ وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (217)

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ {[385]} } ، نزلت في سرية قاتلوا المشركين أول رجب وهم يظنون أنه من الجمادى فعيرهم المشركون وقالوا : إن محمدا استحل الشهر الحرام {[386]} ، { قِتَالٍ فِيهِ } ، بدل اشتمال ، { قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } ، أي : ذنب كبير ، واختلف في أنه منسوخ {[387]} أو لا ، { وَصَدٌّ } : منع ، { عَن سَبِيلِ اللّهِ } ، كمنعهم المسلمين عن العمرة ، { وَكُفْرٌ بِهِ } : بالله ، { وَالْمَسْجِدِ {[388]} الْحَرَامِ } ، أي : صد عنه ، { وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ } : أهل المسجد ، وهم المؤمنون ، { مِنْهُ } : من المسجد ، { أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ } ، وزرا مما فعلته السرية خطأ ، { وَالْفِتْنَةُ } ، أي : الشرك ، أو ما يرتكبونه من الإخراج والكفر ، { أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } : أفظع مما ارتكبوه ، { وَلاَ يَزَالُونَ } ، أي : المشركون ، { يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ } ، أي : ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه غير تائبين ، وحتى معناه التعليل ، أي : يقاتلونكم كي يردوكم ، { إِنِ اسْتَطَاعُواْ } ، هو استبعاد لاستطاعتهم كقول الواثق بنفسه : إن استطعت فاضربني ، { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ } : من يرجع عن دينه إلى دينهم ، { فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ } ، أي : يرجع ثم يموت على الكفر ، { فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } : النافعة وبطلت ، { فِي الدُّنْيَا } ، لما يفوتهم بالردة ما للمسلمين في الدنيا من ثمرات الإسلام ، { وَالآخِرَةِ } ، بسقوط الثواب ، { وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ، قيد الردة بالموت عليها في إحباط الأعمال وهو مذهب الشافعي .


[385]:والسائل من المؤمنين كباقي الأسولة [سلْت أسال سُوالا: لغة في سألت، حكاها سيبويه، وحكى ابن جني سوال وأسْوِلة. لسان العرب (سول) الخمسة، أو من المشركين لقوله: "ولا يزالون يقاتلونكم" وعلى هذا لم يعطف على الأول ولم يعطف الثالث عليه لاختلاف السائل/12 وجيز
[386]:(*) صحح سنده السيوطي في "الدر المنثور"، 1/448، وعزاه إلى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي
[387]:والأصح أنها غير منسوخ، والاستدلال بعموم بعض الآيات في جواز القتال غير تام ؛ فإن العام لا يكون ناسخا للخاص/12 وجيز
[388]:عطف على سبيل الله والفاصلة بين المصدر وهو "صد" وصلته وهو "المسجد" جائز لما بين الصد عن سبيل الله وكفر به اتحاد معنوي كأنه لا فاصلة وأما عطف المسجد على الضمير وإن جوزه المحققون بلا إعادة الجار نحو "تساءلون به والأرحام" [النساء:1] فليس للكفر بالمسجد الحرام معنى إلا بتكلف/12 وجيز