الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ قِتَالٖ فِيهِۖ قُلۡ قِتَالٞ فِيهِ كَبِيرٞۚ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفۡرُۢ بِهِۦ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَإِخۡرَاجُ أَهۡلِهِۦ مِنۡهُ أَكۡبَرُ عِندَ ٱللَّهِۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَكۡبَرُ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْۚ وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (217)

قوله : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ) الآية [ 215 ] .

قال السدي : " بعث( {[6981]} ) رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية في سبعة نفر فبينما هم سائرون إذا( {[6982]} ) بنفر من المشركين ببطن نخلة فاقتتلوا( {[6983]} ) ، فأسر المسلمون منهم وقتلوا وغنموا ، وكانت أول غنيمة غنمها أصحاب النبي [ عليه السلام . وكان ]( {[6984]} ) ذلك في الشهر الحرام فتكلم الناس في القتل( {[6985]} ) في الشهر الحرام( {[6986]} ) .

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : " ما أمرتكم أَنْ تَقْتُلُوا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ " . فسقط في أيدي القوم [ وأخذهم الناس باللائمة ]( {[6987]} ) ، فأنزل الله عز وجل : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ [ كَبِيرٌ ] )( {[6988]} ) " فأخبرهم أنه منكر عظيم( {[6989]} ) .

ثم قال( {[6990]} ) : ( وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) [ 215 ] .

أي وصدكم أيها المشركون عن سبيل الله وعن المسجد الحرام ، وكفركم بالله تعالى وإخراجكم أهل المسجد الحرام منه . يريد الله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ذلك كله من فعلكم أكبر عند الله من القتل ، أي الشرك الذي( {[6991]} ) أنتم عليه أكبر من القتل في الشهر( {[6992]} ) الحرام . /وكذلك قال ابن عباس( {[6993]} ) .

وقال الضحاك : " لما قتل عمرو( {[6994]} ) بن الحضرمي في سرية بعثها رسول الله [ عليه السلام ]( {[6995]} ) إلى بطن نخلة وأمر عليها عبد الله بن جحش ، عَيَّرَ( {[6996]} ) المشركون المسلمين بالقتل في الشهر الحرام فأنزل الله الآية فأخبرهم/أن ذلك كبير ، وأن صد المشركين محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن سبيل الله عز وجل وعن المسجد الحرام والكفر بالله تعالى أكبر عند الله سبحانه من القتل الذي أنكروه( {[6997]} ) . والآية عند أكثر العلماء والصحابة منسوخة لأنه تعالى( {[6998]} ) قال : ( قِتَالٌ( {[6999]} ) فِيهِ كَبِيرٌ ) أي عظيم فأخبر أنه شيء عظيم منكر في الشهر الحرام وأنه محظور ثم نسخته آية/السيف في براءة : ( فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ )( {[7000]} ) . فأبيح( {[7001]} ) ذلك في الحرام وغيره ، ونسخه( {[7002]} ) أيضاً قوله( {[7003]} ) : ( وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً )( {[7004]} )( {[7005]} ) .

والأشهر الحرم( {[7006]} ) المذكورة في براءة ليست المعلومة ، إنما هي أشهر كان فيها عَهْدٌ بينهم وبين النبي [ عليه السلام ]( {[7007]} ) فأمر بقتلهم حيث وجدوا إذا انسلخت تلك الأشهر وهي أربعة أشهر بعد يوم النحر لمن كان له عهد ، ومن لم يكن له عهد فإلى انسلاخ الحرم( {[7008]} ) عهده( {[7009]} ) .

وقال عطاء : " الآية محكمة ، والقتال محظور في الأشهر الحرم " ( {[7010]} ) .

وروى ابن وهب أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ]( {[7011]} ) رد الغنيمة والأسرى وودى( {[7012]} ) القتيل( {[7013]} ) .

قوله : ( يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ) [ 216 ] .

كتبت " رحمت " بالتاء وذلك في سبعة مواضع ؛ هذا ، وفي الأعراف : ( اِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ )( {[7014]} ) [ 55 ] ، وفي هود : ( رَحْمَتُ( {[7015]} ) اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ) [ 72 ] ، وفي مريم : ( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ) [ 1 ] ، وفي الروم : ( اِلَى أَثَرِ رَحْمَتِ اللَّهِ )( {[7016]} ) [ 49 ] . وفي الزخرف : ( اَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ) [ 31 ] ، وفيها ( وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ ) [ 31 ] وما عداها( {[7017]} ) كتبت بالهاء( {[7018]} ) .


[6981]:- في ع2: بعث الله. وفي ق: بعث.
[6982]:- في ع3: إذ.
[6983]:- في ق: فاختلفوا، وهو تحريف.
[6984]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم وكذلك.
[6985]:- في ع2: القتال.
[6986]:- انظر: قول السدي بتفصيل في تفسير ابن مسعود 2/111، وأسباب النزول 62.
[6987]:- في ع3: وأخذ الناس باللائمة، أي يلوم بعضهم بعضاً.
[6988]:- تكملة من ع2، ح، ق، ع3.
[6989]:- انظر: سيرة ابن هشام 2/254، وجامع البيان 4/305، ولباب النقول 41-42.
[6990]:- في ع3: قال تعالى.
[6991]:- سقط من ع2، ع3.
[6992]:- قوله: "وأصحابه ذلك...في الشهر) ساقط من ع2.
[6993]:- انظر: جامع البيان 4/311، والدر المنثور 1/600-601. وهو أيضاً قول ابن مسعود انظر: تفسيره 2/111-113.
[6994]:- في ع2، ع3: عمر. وهو تحريف.
[6995]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[6996]:- في ق: غير، وهو تصحيف.
[6997]:- انظر: جامع البيان 4/310، وهو أيضاً قول مجاهد، راجع تفسيره 1/104-105.
[6998]:- سقط من ع3.
[6999]:- في ع1، ق، ع3: القتال.
[7000]:- التوبة آية 5.
[7001]:- في ع2: وأبيح.
[7002]:- في ع1، ع2، ق: ونسخت.
[7003]:- في ع2: بقوله.
[7004]:- التوبة آية 36.
[7005]:- انظر: كتاب الناسخ 33-34، والإيضاح لناسخ القرآن 134، ونواسخ القرآن 80.
[7006]:- قوله: "وغيره، ونسخه...الأشهر الحرم" ساقط من ع3.
[7007]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[7008]:- في ع3: المحرم.
[7009]:- انظر: هذا الحكم في كتاب الناسخ 34، والإيضاح لناسخ القرآن 135.
[7010]:- انظر: نواسخ القرآن 81، والإيضاح لناسخ القرآن 134.
[7011]:- في ح: عليه السلام.
[7012]:- في ق: ورد، وهو تحريف.
[7013]:- انظر: تفسير القرطبي 3/42، وفي ع2: القتال. وهو تحريف.
[7014]:- في ق، ع3: قريب من المحسنين.
[7015]:- كتبت "رحمت" في (ع1) بالهاء، في هذا الموضع وفي آيات "مريم" و"الروم"، و"الزخرف".
[7016]:- قوله: "وفي هود..رحمت الله" ساقط من ع2.
[7017]:- في ع3: عاداهما، وهو تحريف.
[7018]:- انظر: الإيضاح في الوقف 1/283، والنشر 2/129.