جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ هُوَ خَيۡرٗا لَّهُمۖ بَلۡ هُوَ شَرّٞ لَّهُمۡۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِۦ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (180)

{ ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم } ، بقراءة التاء تقديره ولا تحسبن بخل الذين بحذف مضاف ، وكذا بقراءة الياء إن كان الفاعل ضمير الرسول وأما إذا كان الذين يبخلون فاعله فتقديره ولا يحسبن البخلاء بخلهم{[889]} هو خيرا لهم نزلت في مانعي الزكاة{[890]} وقيل في أهل الكتاب{[891]} بخلوا بما في أيديهم من الكتب المنزلة ، { بل هو } أي : البخل ، { شرّ لهم سيُطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة } يجعل ماله الذي لم يؤد زكاته حية يطوق في عنقه تنهشه من فرقه إلى قدمه ، أو يجعل طوقا من نار ، { ولله ميراث السماوات والأرض } : يفنى الملاك ، وتبقى الأملاك بلا مالك إلا الله ، فلا تبخلوا ، { والله بما تعملون } : من المنع ، والإعطاء{[892]} ، { خبير } ، فيجازيكم .


[889]:عند الزمخشري جاز حذف أحد مفعولي باب علمت عند ظهور القرينة وهاهنا كذلك على أن الفاعل لما اشتمل على ذكر البخل صار هذا في حكم إيجاد الفاعل، والمفعولين/12 منه.
[890]:ففي البخاري ومسلم أنه عليه السلام قرأ بعد أن أوعدهم/12 [أخرجه البخاري في (التفسير) (4565)، وفي غير موضع من صحيحه دون مسلم].
[891]:رواه ابن جرير عن ابن عباس، والأول أصح/12 منه.
[892]:قال الرازي في التفسير الكبير: إن الإنفاق الواجب أقسام كثيرة منها إنفاقه على نفسه وعلى أقاربه الذين يلزمه مؤنتهم، ومنها ما يتصل بأبواب الزكاة ومنها ما إذا احتاجه المسلمون إلى دفع عدو يقصد قتلهم ومالهم فهاهنا يجب عليهم إنفاق الأموال على من يدفعه عنهم؛ لأن ذلك يجري مجرى دفع الضرر عن النفس، ومنها إذا صار أحد من المسلمين مضطرا فإنه يجب عليه أن يدفع إليه مقدار ما يستبقي به رمقه فكل هذه الإنفاقات من الواجبات، وتركه يكون من باب البخل، والله أعلم/12.