{ ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم } ذهب بعض النحويين إلى أن في الكلام محذوفا ، والتقدير : لا يحسبن الباخلون البخل هو خيرا لهم و{ بل } لإبطال حسبانهم فالحق أن البخل شر لهم . عن السدي : هم الذين آتاهم الله من فضله فبخلوا أن ينفقوها في سبيل الله ولم يؤدوا زكاتها ، ومما يقول الواحدي : وفي حكم الزكاة سائر المصارف الواجبة كالإنفاق على النفس وعلى الأقربين الذين يلزمه مؤنتهم ، وعلى المضطر وفي الذب عن المسلمين إذا قصدهم عدو وتعين دفعهم بالمال . { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } سيجعل لهم يوم القيامة طوق في النار ، والبخل أن يمنع الإنسان الحق الواجب عليه{[1238]} وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الشح والضن والإمساك عن البذل فيما أمرنا الله أن نبذل فيه . ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم ) . وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ( من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا{[1239]} أقرع{[1240]} له زبيبتان{[1241]} يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه {[1242]} ثم يقول أنا مالك أنا كنزك -ثم تلا هذه الآية – { ولا يحسبن الذين يبخلون } الآية .
{ ولله ميراث السماوات والأرض } يبطل ملك جميع المستخلفين ممن سموا مالكين فلا يبقى إلا الملك ذي القوة المتين - أخبر تعالى ببقائه ودوام ملكه وأنه في الأبد كهو في الأزل ، غني عن العالمين فيرث الأرض بعد فناء خلقه وزوال أملاكهم ، فتبقى الأملاك والأموال لا مدعى فيها فجرى هذا مجرى الوارثة في عادة الخلق ، وليس لها بميراث في الحقيقة لأن الوارث في الحقيقة هو الذي يرث شيئا لم يكن يملكه من قبل ، والله سبحانه وتعالى مالك السماوات والأرض وما بينهما ، وكانت السماوات وما فيها ، والأرض وما فيها له ، وأن الأموال كانت عارية عند أربابها ؛ فإذا ماتوا ردت العارية إلى صاحبها الذي كانت له في الأصل ونظير هذه الآية قوله تعالى { إنا نحن نرث الأرض ومن عليها . . . }{[1243]} الآية . والمعنى في الآيتين أن الله تعالى أمر عباده بأن ينفقوا ولا يبخلوا قبل أن يموتوا ويتركوا ذلك ميراثا لله تعالى ولا ينفعهم إلا ما أنفقوا{[1244]} ؛ { والله بما تعملون خبير } مما يقول ابن جرير : إنه بما يعمل هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من الفضل وغيرهم من سائر خلقه ذو خبرة وعلم محيط بذلك كله ، حتى يجازي كلا منهم على قدر استحقاقه ، المحسن بالإحسان والمسيء على ما يرى تعالى ذكره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.