البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمۡ لِيَوۡمٖ تَشۡخَصُ فِيهِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ} (42)

شخص البصر أحد النظر ، ولم يستقرّ في مكانه .

{ ولا تحسبن الله غافلاًً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءُوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء } : الخطاب بقوله : ولا تحسبن ، للسامع الذي يمكن منه حسبان مثل هذا لجهله بصفات الله ، لا للرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه مستحيل ذلك في حقه .

وفي هذه الآية وعيد عظيم للظالمين ، وتسلية للمظلومين .

وقرأ طلحة : ولا تحسب بغير نون التوكيد ، وكذا فلا تحسب الله مخلف وعده .

والمراد بالنهي عن حسبانه غافلاً الإيذان بأنه عالم بما يفعل الظالمون ، لا يخفى عليه منه شيء ، وأنه معاقبهم على قليله وكثيره على سبيل الوعيد والتهديد كقوله : { والله بما تعملون عليم } يريد الوعيد .

ويجوز أن يراد : ولا تحسبنه ، يعاملهم معاملة الغافل عما يعملون ، ولكن معاملة الرقيب عليهم المحاسب على النقير والقطمير .

وقرأ السلمي والحسن ، والأعرج ، والمفضل ، عن عاصم وعباس بن الفضل ، وهارون العتكي ، ويونس بن حبيب ، عن أبي عمر : ونؤخرهم بنون العظمة ، والجمهور بالياء أي : يؤخرهم الله .