{ وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع } أي وإنا كنا معشر الجن قبل هذا نقعد من السماء مواضع نقعد في مثلها لاستماع الأخبار من السماء ؛ وللسمع متعلق بنقعد أي لأجل السمع أو بمضمر هو صفة لمقاعد أي مقاعد كائنة للسمع ، والمقاعد جمع مقعد اسم مكان وذلك أن مردة الجن كانوا يفعلون ذلك ليسمعوا من الملائكة أخبار السماء فيلقونها إلى الكهنة ، فحرسها الله سبحانه ببعثة رسوله صلى الله عليه وسلم بالشهب المحرقة .
عن ابن عباس قال : " كانت الشياطين لهم مقاعد في السماء يسمعون فيها الوحي فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا فأما الكلمة فتكون حقا . وأما ما زادوا فيكون باطلا فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم ، فذكروا ذلك لإبليس ، ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك فقال لهم ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرض ، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي بين جبلين بمكة ، فأتوه فأخبروه فقال هذا الحدث الذي حدث في الأرض " أخرجه أحمد والترمذي وصححه النسائي وغيرهم .
{ فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا } أي أرصد له ليرمي به أو لأجله لمنعه من الاستماع ، قوله { الآن } هو ظرف للحال واستعير هنا للاستقبال لأنهم لا يردون به وقت قولهم فقط ، وانتصاب رصدا على أنه صفة لشهابا أو مفعول له وهو مفرد ، ويجوز أن يكون اسم جمع كالحرس .
وقد اختلف أهل العلم هل كانت الشياطين ترمى بالشهب وتقذف قبل المبعث أم لا ؟ فقال قوم لم يكن ذلك وحكى الواحدي عن معمر قال قلت للزهري ؟ أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية ؟ قال نعم قلت أفرأيت قوله { وأنا كنا نقعد منها } الآية ؟ قال غلظ وشدد أمرها حين بعث محمد صلى الله عليه وسلم ، قال ابن قتيبة : إن الرجم قد كان قبل مبعثه ولكنه لم يكن مثله في شدة الحراسة بعد مبعثه ، وكانوا يسترقون السمع في بعض الأحوال ، فلما بعث منعوا من ذلك أصلا .
وقال عبد الملك بن سابور : ولم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام : فلما بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم حرست السماء ورميت الشياطين بالشهب ، ومنعت من الدنو إلى السماء ، وقال نافع بن جبير : كانت الشياطين في الفترة تسمع فلا ترمى ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله رميت بالشهب ، قال الزمخشري : والصحيح أنه كان قبل البعث ، فلما بعث صلى الله عليه وسلم كثر الرجم وازداد زيادة ظاهرة حتى تنبه لها الإنس والجن ومنع الاستراق أصلا ؛ وقد تقدم البحث عن هذا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.