التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا} (28)

{ واصبر نفسك } أي : احبسها صابرا { مع الذين يدعون ربهم } هم فقراء المسلمين : كبلال وخباب وصهيب ، وكان الكفار قد قالوا له : اطرد هؤلاء نجالسك نحن ، فنزلت الآية { بالغداة والعشي } قيل : المراد : الصلوات الخمس ، وقيل : الدعاء على الإطلاق .

{ ولا تعد عيناك عنهم } أي : لا تتجاوز عنهم إلى أبناء الدنيا ، وقال الزمخشري : يقال : عداه إذا جاوزه ، فهذا الفعل يتعدى بنفسه دون حرف ، وإنما تعدى هنا بعن لأنه تضمن معنى نبت عينه عن الرجل إذا احتقره .

{ تريد زينة الحياة الدنيا } جملة في موضع الحال فهي متصلة بما قبلها ، وهي في معنى تعليل الفعل المنهي عنه في قوله : { ولا تعد عيناك عنهم } أي : لا تبعد عنهم من أجل إرادتك لزينة الدنيا .

{ أغفلنا قلبه } أي : جعلناه غافلا أو وجدناه غافلا ، وقيل : يعني أنه عيينة بن حصين الفزاري ، والأظهر أنها مطلقة من غير تقييد { فرطا } من التفريط والتضييع ، أو من الإفراط والإسراف .