تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا} (28)

{ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم } ، يعنى يعبدون ربهم ، يعنى بالصلاة له ، { بالغداوة والعشي } ، طرفي النهار ، { يريدون وجهه } ، يعنى يبتغون بصلاتهم وصومهم وجه ربهم ، { ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا } ، نزلت في عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو الفزارى ، وذلك أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده الموالى وفقراء العرب ، منهم : بلال بن رباح المؤذن ، وعمار بن ياسر ، وصهيب بن سنان ، وخباب بن الأرت ، وعامر بن فهيرة ، ومهجع بن عبد الله مولى عمر بن الخطاب ، وهو أول شهيد قتل يوم بدر ، رضى الله عنهم ، وأيمن ابن أم أيمن ، ومن العرب أبو هريرة الدوسي ، وعبد الله بن مسعود الهذلي ، وغيرهم ، وكان على بعضهم شملة قد عرق فيها .

فقال عيينة بن حصن للنبي صلى الله عليه وسلم : إن لنا شرفا وحسبا ، فإذا دخلنا عليك فاعرف لنا ذلك ، فأخرج هذا وضرباءه عنا ، فوالله إنه ليؤذينا ريحه ، يعنى جبته آنفا ، فإذا خرجنا من عندك فأذن لهم إن بدا لك أن يدخلوا عليك ، فاجعل لنا مجلسا ولهم مجلس ، فأنزل الله عز وجل { ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا } ، يعنى القرآن ، { واتبع هواه } ، يعنى وآثر هواه { وكان أمره } الذي يذكر من شرفه وحسبه ، { فرطا } آية ، يعنى ضائعا في القيامة ، مثل قوله : { ما فرطنا في الكتاب من شيء } [ الأنعام :38 ] ، يعنى ما ضيعنا .