تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا} (28)

واصبر نفسك : احبسها .

بالغداة والعشي : في الصباح والمساء .

يريدون وجهه : يطلبون رضاه .

فرطا : مجاوزاً للحد .

احتفظ بصحابتك أيها الرسول الذين يعبدون اللهَ وحده في الصباح والمساء يطلبون رضوانه ، وهم فقراءُ الصحابة مثل : عمار بن ياسر وصهيب وبلال وغيرهم ، فقد رُوي أن عُيَيْنَةَ بن حصن الفَزاري والأقرعَ بن حابس وغيرَهم جاءوا إلى الرسول الكريم وطلبوا منه أن يبعد هؤلاء الفقراءَ من الصحابة ليحادثوه ويسْلموا ، فنزلت .

ويقال إن أشرافَ قريش هم الذين طلبوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره الله تعالى أن لا يتخلّى عن أصحابه ، ولا يلتفت إلى هؤلاء وما عندَهم من قوةٍ وجاهٍ ورجال ، فاللهُ أكبرُ من كل ما عندهم . وهذا الأصح لأن السورة مكية .

ثم أمره بمراقبة أحوالهم ومجالسِهم فإن فيهم الخير ، فقال : { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحياة الدنيا . . } ، ولا يتحول اهتمامُك عنهم إلى مظاهر الحياة التي يستمتع بها أصحاب الزينة ، فهذه زينةُ الحياة الدنيا الزائلة .

ثم أكد هذا النهي بقول : { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا واتبع هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }

لا تطع هؤلاء المتكبرين فيما يطلبون من تمييزٍ بينهم وبين الفقراء ، وطردِهم من مجلسك فهؤلاء قد أغفلْنا قلوبَهم عن ذكرنا واتجهوا إلى ذواتهم وإلى لذّاتهم وشغلوا قلوبهم بزخرف الدنيا وزِينتها وصار أمرُهم في جميعِ أعمالهم بعيداً عن الصواب ، ولقد جاء الإسلام ليسوّي بين الناس أمام الله ، فلا تفاضل بينهم بمال ولا نسبٍ ولا جاه .

قراءات :

قرأ ابن عامر : « بالغدوة والعَشِيّ » والباقون : « بالغداة والعشي » .