التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{۞قُلۡ إِنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍۖ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثۡنَىٰ وَفُرَٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ لَّكُم بَيۡنَ يَدَيۡ عَذَابٖ شَدِيدٖ} (46)

{ قل إنما أعظكم بواحدة } أي : بقضية واحدة تقريبا عليكم .

{ أن تقوموا لله } هذا تفسير القضية الواحدة ، و{ أن تقوموا } بدل أو عطف بيان أو خبر ابتداء مضمر ، ومعناه أن تقوموا للنظر في أمر محمد صلى الله عليه وسلم قياما خالصا لله تعالى ليس فيه اتباع هوى ولا ميل ، وليس المراد بالقيام هنا القيام على الرجلين إنما المراد القيام بالأمر والجد فيه .

{ مثنى وفرادى } حال من الضمير في { تقوموا } ، والمعنى أن تقوموا اثنين اثنين للمناظرة في الأمر وطلب التحقيق وتقوموا واحدا واحدا لإحضار الذهن واستجماع الفكرة ثم تتفكروا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم فتعلموا أن ما به من جنة لأنه جاء بالحق الواضح ، ومع ذلك فإن أقواله وأفعاله تدل على رجاحة عقله ومتانة علمه ، وأنه بلغ في الحكمة مبلغا عظيما ، فيدل ذلك على أنه ليس بمجنون ولا مفتر على الله .

{ ما بصاحبكم من جنة } متصل بما قبله على الأصح أي : تتفكروا فتعلموا ما بصاحبكم من جنة ، وقيل : هو استئناف .