وبعد تقرير الأصول الثلاثة : التوحيد والرسالة والحشر كررها مجموعة بقوله { قل إنما أعظكم بواحدة } أي بخصلة أو حسنة أو كلمة واحدة وقد فسرها بقوله { أن تقوموا } على أنه عطف بيان لها . والقيام إما حقيقة وهو قيامهم عن مجلس النبيُّ متفرقين إلى أوطانهم . وإما مجاز وهو الاهتمام بالأمر والنهوض له بالعزم والجد . فقوله { مثنى وفرادى } إشارة إلى جميع الأحوال لأن الإنسان إما أن يكون مع غيره أو لا فكأنه قال : أن تقوموا لله مجتمعين ومنفردين لا تمنعكم الجمعية عن ذكر الله ولا يحوجكم الانفراد إلى معين يعينكم على ذكر الله . وقوله { ثم تتفكروا } يعني اعترفوا بما هو الأصل وهو التوحيد ولا حاجة فيه إلى تفكر ونظر بعدما بان وظهر ، ثم تتفكروا فيما أقول بعده ، وهو الرسالة المشار إليها بقوله { ما بصاحبكم من جنة } والحشر المشار إليه بقوله { بين يدي عذاب شديد } قيل : وفيه إشارة إلى عذاب قريب كأنه قال : ينذركم بعذاب يمسكم قبل الشديد . فمجموع الأمور الثلاثة شيء واحد ، أو المراد أنه لا يأمرهم في أوّل الأمر بغير التوحيد لأنه سابق على الكل لا أنه لا يأمرهم في جميع العمر إلا بشيء واحد . وعند جار الله : الخصلة الواحدة هي الفكر في أمر محمد صلى الله عليه وسلم والمعنى : إنما أعظكم بواحدة إن فعلتموها أصبتم الحق وهو أن تقوموا لوجه الله خالصاً متفرقين اثنين اثنين وواحداً واحداً ، فإن ما فوق الاثنين والواحد يوجب التشويش واختلاف الرأي فيعرض كل من الاثنين محصول فكره على صاحبه من غير عصبية ولا اتباع هوى ، وكذلك الفرد يفكر في نفسه بعدل ونصفه حتى يجذب الفكر بصنعه إلى أن هذا الأمر المستتبع لسعادة الدارين لا يتصدّى لادعائه إلا رجلان : مجنون لا يبالي بافتضاحه إذا طولب بالبرهان ، وعاقل اجتباه الله بسوابق الفضل والامتنان لتكميل نوع الإنسان . لكن محمداً صلى الله عليه وسلم بالاتفاق أرجح الناس عقلاً وأصدقهم قولاً وأوفرهم حياء وأمانة ، فما هو إلا النبيّ المنتظر في آخر الزمان المبعوث بين يدي عذاب شديد هو القيامة وأهوالها . وقوله { ما بصاحبكم } إما أن يكون كلاماً مستأنفاً فيه تنبيه على كيفية النظر في أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم والمراد : ثم تتفكروا فتعلموا ذلك . وجوز بعضهم أن تكون " ما " استفهامية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.