بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞قُلۡ إِنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍۖ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثۡنَىٰ وَفُرَٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ لَّكُم بَيۡنَ يَدَيۡ عَذَابٖ شَدِيدٖ} (46)

{ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بواحدة } يعني : بكلمة واحدة ويقال : بخصلة واحدة { أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ } بالحق { مثنى وفرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بصاحبكم مّن جِنَّةٍ } يعني : أمركم بالإنصاف أن تتأملوا حق التأمل ، وتتفكروا في أنفسكم ، هل لهذا الرجل الذي يدعوكم إلى خالقكم وخالق السماوات والأرض هل رأيتم به جنوناً .

ثم قال : { مَا بصاحبكم مّن جِنَّةٍ } يعني : من جنون . وقال القتبي : تأويله أن المشركين لما قالوا : إنه ساحر ومجنون وكذاب فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم اعتبروا أمري بواحدة أن تنصحوا لأنفسكم ولا يميل بكم هوى فتقوموا لله في دار يخلو فيها الرجل منكم بصاحبه . فيقول له : هلمّ فلنتصادق . هل رأينا بهذا الرجل جنة أم جربنا عليه كذباً .

ثم ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه فيتفكر ، وينظر . فإن ذلك يدل على أنه نذير . قال : وكل من تحيّر في أمر قد اشتبه عليه واستبهم ، أخرجه من الحيرة أن يسأل ويناظر فيه ثم يتفكر ويعتبر .

ثم قال : { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ } أي : ما هو إلا مخوف لكم { بَيْنَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ } أي : بين يدي القيامة .