جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞قُلۡ إِنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍۖ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثۡنَىٰ وَفُرَٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ لَّكُم بَيۡنَ يَدَيۡ عَذَابٖ شَدِيدٖ} (46)

{ قل{[4175]} إنما أعظكم } : أرشدكم ، { بواحدة } : بخصلة واحدة ، { أن تقوموا لله } ، المراد بالقيام لله الانتصاب في الأمر والنهوض فيه بالهمة ، والفكر خالصا له من غير هوى ولا عصبية عطف بيان أو بدل من واحدة أو خبر لمحذوف أي : هي أن تقوموا ، { مثنى{[4176]} وفرادى } : اثنين أو واحدا واحدا فإن الازدحام يشوش الفكر ، { ثم تتفكروا } : في أمر محمد ، { ما بصاحبكم من جنة{[4177]} } ، كلام مستأنف للتنبيه من الله على جهة النظر قيل : معناه تتفكروا فتعلموا ما بصاحبكم جنون ، وقيل : ما استفهامية ، أي : تتفكروا أي شيء به من آثار الجنون ، { إن هو إلا نذير لكم بين يدي } : قدام ، { عذاب شديد } ، عن مقاتل معناه : ثم تتفكروا في خلق السماوات والأرض حتى تعلموا وحدانيته ، ثم ابتدأ وقال ''ما بصاحبكم من جنة''


[4175]:ثم لما حذرهم التفت إليهم، ونصحهم فقال: {قل إنما أعظكم} الآية / 12 وجيز.
[4176]:فالاثنان يعرض كل محصول فكره على صاحبه وينظران فيه متصادفين على إنصاف، والمتفكر يفكر في نفسه من غير أن يكابر نفسه ويعرض على عقله / 12.
[4177]:كأنهم لما سمعوا كلام منصف انجرّّ لهم أن يسألوا أي شيء هذا؟ النظر والتأمل العميق، فقيل لهم: لأن هذا الأمر الذي هو بصدده لا يتأتى إلا من شخصين رجل مجنون لا يبالي. من الافتضاح، ولا يتأمل عواقب الأمور، ورجل صادق كامل العقل مبرهن مدعاه بأقوى الحجج، وقد علمتم أن صاحبكم ما به من جنة، بل علمتموه بالعقل الراجح، والرأي الثاقب، فكان مظنة لأن ترجحوا فيه جانب الصدق، وأن تظنوا به الخير / 12 منه.