الآية 46 وقوله تعالى : { قل إنما أعظكم بواحدة } قال بعضهم : { بواحدة } أي بكلمة الإخلاص والتوحيد . وقال بعضهم : أي بطاعة الله . وقال بعضهم : { بواحدة } أي بكلمة واحدة كقول الرجل لصاحبه : أكلّمك كلمة واحدة ، واسمع مني كلمة ، لكن الواحدة التي وعظهم بها عندنا ما ذكر على إثره حين{[17087]} قال : { أن تقوموا لله } بها{[17088]} جميعا { مثنى وفرادى ثم تتفكّروا } وتنظروا في ما بينكم هل أرى منكم جنونا به قط ؟
وقال بعضهم : يريد بال { مثنى } أن يتناظر الرجلان في أمر النبي { وفرادى } [ أن يتفكر كل واحد ]{[17089]} فإن في ذلك ما يدل على أن النبي ليس بمجنون ولا كذّاب على ما يزعمون .
ثم كان الذي حملهم على أن ينسبوه إلى الجنون وجوها .
أحدهما : أنهم رأوه قد خالف الفراعنة والجبابرة الذين كانوا يقتلون من خالفهم على الغضب في أدنى شيء بلا أعوان ولا أتباع له ، فقالوا : لا يخاطر بهذا إلا من به جنون ، فنسبوه إلى الجنون .
والثاني : أنهم رأوه قد خالف دينهم ودين آبائهم جملة من بينهم ، فقالوا : لا يُحتمل أن يصيب [ أحد ديننا ]{[17090]} بعقله من بين الكل ، لا يصيب أحد ذلك . فاتهموه [ بجنون ]{[17091]} العقل .
والثالث : أنه كان في حال صغره وصباه ، لم يروه اشتغل بشيء من اللعب ، أو خالط الصبيان في شيء من أمورهم ، بل اعتزلهم من صباه إلى أوان{[17092]} الوقت الذي بلغ ، فقالوا : إن به جنونا ، وإلا لم يعتزل الناس كل هذا الاعتزال .
ثم أخبر أنكم لو تفكّرتم ، ونظرتم ، عرفتم{[17093]} أن ليس بصاحبكم جنون { إن هو } أي ما هو { إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد } في الآخرة ، إن عصيتم أي رسول الله إليكم { بين يدي عذاب شديد } في الآخرة ، إن عصيتم عوقبتم في الآخرة .
وقال بعضهم في قوله : { أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكّروا ما بصاحبكم من جِنّة } يقول ، والله أعلم ، ألا يتفكر الرجل منكم وحده أو مع صاحبه ، فينظر أن من{[17094]} خلق السماوات والأرض وما بينهما ، الذي خلق هذه الأشياء وحده ، أنه واحد ، لا شريك له ؟ وإن محمدا لصادق في قوله : إن الله واحد ، لا شريك [ له ]{[17095]} وما به جنون { إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.