الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞قُلۡ إِنَّمَآ أَعِظُكُم بِوَٰحِدَةٍۖ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثۡنَىٰ وَفُرَٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ لَّكُم بَيۡنَ يَدَيۡ عَذَابٖ شَدِيدٖ} (46)

ثُمَّ أمرَ تَعَالَى نَبِيُّهُ عليه السلام أنْ يَدْعُوهُمْ إلَى عِبَادَةِ اللّهِ تَعَالَى وَالنَّظَرِ فِي حَقِيقَةِ نُبُوَّتِهِ هُوَ ، وَيَعِظُهُمْ بَأَمْرٍ مُقَرَّبٍ لِلأَفْهَامِ . فَقَوْلهُ : { بواحدة } معناه : بِقَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ إيجَازاً لَكُمْ وَتَقْرِيباً عَلَيْكُمْ وَهُوَ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ ، أي : لأَجلِ اللّهِ أو لِوَجْهِ اللّهِ ( مَثْنَى ) أي : اثنين اثنين مُتَنَاظِرَيْنِ ( وفُرَادَى ) ، أي : وَاحِداً وَاحِداً ، ( ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ) ، هَلْ بِصَاحِبِكُمْ ، جِنَّةُ أو هُوَ بَرِيءٌ ، مِنْ ذَلِكٍ ، والوَقْفُ عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ { تَتَفَكَّرُواْ } فَيَجِيء : { مَا بِصَاحِبِكُم } نَفْياً مُسْتَأْنِفاً ، وَهُوَ عِنْدَ سِيبَوَيهِ جَوَابُ ( مَا ) تَنَزَّلُ مَنْزِلَة القَسَمِ ؛ وَقيلَ فِي الآيةِ غَيْرُ هَذَا مِمَّا هُو بَعِيدٌ مِنَ أَلْفَاظِهَا فَتَعَيَّنَ تَرْكُهُ .