التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَرۡفَعُوٓاْ أَصۡوَٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِيِّ وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ} (2)

{ لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } أمر الله المؤمنين أن يتأدبوا مع النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأدب كرامة له وتعظيما وسببها أن بعض حفاة الأعراب كانوا يرفعون أصواتهم .

{ أن تحبط أعمالكم } مفعول من أجله تقديره مخافة أن تحبط أعمالكم إذا رفعتم أصواتكم فوق صوته أو جهرتم له بالقول صلى الله عليه وسلم فالمفعول من أجله يتعلق بالفعلين معا من طريق المعنى ، وأما من طريق الإعراب فيتعلق عند البصريين بالثاني وهو لا تجهر وعند الكوفيين بالأول وهو لا ترفعوا أصواتكم ، وهذا الإحباط لأن قلة الأدب معه صلى الله عليه وسلم والتقصير في توقيره يحبط الحسنات وإن فعله مؤمن ، لعظيم ما وقع فيه من ذلك وقيل : إن الآية خطاب للمنافقين وهذا ضعيف ، لقوله في أولها : { يا أيها الذين آمنوا } وقوله : { وأنتم لا تشعرون } فإنه لا يصح أن يقال هذا لمنافق فإنه يفعله جرأة وهو يقصده .