ثم ناداهم ثانياً ، تحريكاً لما يلقيه إليهم ، واستعباداً لما يتجدد من الأحكام ، وتطرية للإنصات .
ونزلت بسبب عادة الأعراب من الجفاء وعلو الصوت .
{ لا ترفعوا أصواتكم } : أي إذا نطق ونطقتم ، { ولا تجهروا بالقول } إذا كلمتموه ، لأن رتبة النبوة والرسالة يجب أن توقر وتجل ، ولا يكون الكلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم كالكلام مع غيره .
ولما نزلت ، قال أبو بكر رضي الله عنه : لاأكلمك يا رسول الله إلا السرار أو أخا السرار حتى ألقى الله .
وعن عمر رضي الله عنه ، أنه كان يكلم النبي صلى الله عليه وسلم كأخي السرار ، لا يسمعه حتى يستفهمه .
وكان أبو بكر ، إذا قدم على الرسول الله صلى الله عليه وسلم قوم ، أرسل إليهم من يعلمهم كيف يسلمون ، ويأمرهم بالسكينة والوقار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن الرفع والجهر إلا ما كان في طباعهم ، لا أنه مقصود بذلك الاستخفاف والاستعلاء ، لأنه كان يكون فعلهم ذلك كفراً ، والمخاطبون مؤمنون .
{ كجهر بعضكم لبعض } : أي في عدم المبالاة وقلة الاحترام ، فلم ينهوا إلا عن جهر مخصوص .
وكره العلماء رفع الصوت عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبحضرة العالم ، وفي المساجد .
وعن ابن عباس : " نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، وكان في أذنه وقر ، وكان جهير الصوت ، وحديثه في انقطاعه في بيته أياماً بسبب ذلك مشهور ، وأنه قال : يا رسول الله ، لما أنزلت ، خفت أن يحبط عملي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنك من أهل الجنة » .
وقال له مرة : «أما ترضى أن تعيش حميداً وتموت شهيداً » ؟ فعاش كذلك ، ثم قتل باليمامة ، رضي الله تعالى عنه يوم مسيلمة " { أن تحبط أعمالكم } : إن كانت الآية معرضة بمن يجهر استخفافاً ، فذلك كفر يحبط معه العمل حقيقة ؛ وإن كانت للمؤمن الذي يفعل ذلك غفلة وجرياً على عادته ، فإنما يحبط عمله البر في توقير النبي صلى الله عليه وسلم ، وغض الصوت عنده ، أن لو فعل ذلك ، كأنه قال : مخافة أن تحبط الأعمال التي هي معدة أن تعملوها فتؤجروا عليها .
وأن تحبط مفعول له ، والعامل فيه ولا تجهروا ، على مذهب البصريين في الاختيار ، ولا ترفعوا على مذهب الكوفيين في الاختيار ، ومع ذلك ، فمن حيث المعنى حبوط العمل علة في كل من الرفع والجهر .
وقرأ عبد الله وزيد بن علي : فتحبط بالفاء ، وهو مسبب عن ما قبله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.