فقال : { يا أيها الذين آمَنُواْ } ولم يقل : يا أيها الذين عصوا وقد ذكرنا من قبل أن النداء على ست مراتب ، وهذا نداء مدح .
قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أصواتكم فَوْقَ صَوْتِ النبي } نزلت في وفد بني تميم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهم سبعون أو ثمانون ، منهم الأقرع بن حابس ، والزبرقان بن بدر ، وعطارد بن الحجاب ، وذلك حين قالوا : ائذن لشاعرنا ، وخطيبنا في الكلام ، فعلت الأصوات ، واللغط ، فنزلت الآية { لاَ تَرْفَعُواْ أصواتكم فَوْقَ صَوْتِ النبي } ويقال : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، وكان في أذنه وقر ، فكان إذا تكلم ، رفع صوته .
ثم قال : { تَجْهَرُواْ لَهُ بالقول كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ } يعني : لا تدعوه باسمه ، كما يدعو الرجل الرجل منكم باسمه ، ولكن عظموه ، ووقروه ، وقولوا : يا نبي الله ، ويا رسول الله .
ثم قال : { أَن تَحْبَطَ أعمالكم وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } أن ذلك يحبطها . يعني : إن فعلتم ذلك ، فتحبط حسناتكم . وقال بعضهم : من عمل كبيرة من الكبائر حبط جميع ما عمل من الحسنات واحتج بهذه الآية : { أَن تَحْبَطَ أعمالكم } ولكن نحن نقول : الكبيرة لا تبطل العمل ما لم يكفر ، وإنما ذكر هاهنا إبطال العمل ، لأن في ذلك استخفافاً بالنبي صلى الله عليه وسلم . ومن قصد الاستخفاف بالنبي صلى الله عليه وسلم كفر .
فلما نزلت هذه الآية ، دخل ثابت بن قيس بيته ، وجعل يبكي ، ويقول : أنا من أهل النار . فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فبعث إليه ، وقال : «إنَّكَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ بَلْ غَيْرُكَ مِنْ أهْل النَّار » . فقال : يا رسول الله لا أتكلم بعد ذلك إلا سراً ، أو ما كان يشبه السر فنزل : { إِنَّ الذين يَغُضُّونَ أصواتهم عِندَ رَسُولِ الله } صلى الله عليه وسلم روى ثابت عن أنس قال : لما نزل { لاَ تَرْفَعُواْ أصواتكم } وكان ثابت بن قيس رفيع الصوت . فقال : أنا الذي كنت أرفع صوتي ، وحبط عملي . أنا من أهل النارِ . وجلس في بيته يبكي ، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه بما قال ، فقال صلى الله عليه وسلم : «بَلْ هُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ » . فقال أنس : لكنا نراه يمشي بين أظهرنا ، ونحن نعلم أنه من أهل الجنة . فلما كان يوم اليمامة ، فكان فينا بعض الانكشاف ، فجاء ثابت بن قيس وقد تحنط ، ولبس كفنه ، فقال : بئس ما تعودون أقرانكم ، فقاتلهم حتى قتل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.