لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (109)

قوله عز وجل : { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً } يعني وما أرسلنا قبلك يا محمد إلا رجالاً مثلك ولم يكونوا ملائكة . { نوحي إليهم } هذا جواب لأهل مكة حيث قالوا هلا بعث الله ملكاً والمعنى : كيف تعجبوا من إرسالنا إياك يا محمد وسائر الرسل الذين كانوا من قبلك بشر مثلك حالهم كحالك .

{ ومن أهل القرى } يعني من أهل الأمصار والمدن لا من أهل البوادي لأن أهل الأمصار أفضل وأعلم وأكمل عقلاً من أهل البوادي ، قال الحسن : لم يبعث نبي من بدو ولا من الجن ولا من النساء ، وقيل : إنما لم يبعث الله نبياً من البادية لغلظهم وجفائهم .

{ أفلم يسيروا في الأرض } يعني هؤلاء المشركين المكذبين { فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } يعني كانت عاقبتهم الهلاك لما كذبوا رسلنا فليعتبر هؤلاء بهم وما حل بهم من عذابنا . { ولدار الآخرة خير للذين اتقوا } يعني فعلنا هذا بأوليائنا وأهل طاعتنا إذ أنجيناهم عند نزول العذاب بالأمم المكذبة وما في الدار الآخرة خير لهم يعني الجنة لأنها خير من الدنيا وإنماً أضاف الدار إلى الآخرة وإن كانت في الآخرة لأن العرب تضيف الشيء إلى نفسه كقولهم حق اليقين والحق هو اليقين نفسه . { أفلا تعقلون } يعني يتفكرون ويعتبرون بهم فيؤمنون .