الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (109)

وقوله سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم } [ يوسف : 109 ] .

تتضمَّن الردَّ على من استغرب إِرسَالَ الرُّسُل من البَشَرِ ، و{ القرى } : المُدُن . قال الحسن : لم يَبْعَثِ اللَّه رسولاً قطُّ من أهْل البادية .

قال ( ع ) : والتَّبَدِّي مَكْرُوه إِلا في الفتْنَة ، وحين يُفَرُّ بالدين ، ولا يعترضُ هذا بِبُدُوِّ يعقوب ؛ لأن ذلك البُدُوَّ لم يكُنْ في أهْل عمودٍ ، بل هو بتَقَرٍّ ، وفي منازلَ ورَبوع ؛ وأيضاً إِنما جعله بُدُواً بالإِضافة إِلى مصْر ؛ كما هي بناتُ الحَوَاضِر بَدْوٌ بالإِضافة إِلى الحواضر ، ثم أحال سبحانه على الاعتبار في الأمم السالفة ، ثم حَضَّ سبحانه على الآخرة ، والاستعداد لها بقوله : { وَلَدَارُ الأخرة خَيْرٌ } .

قال ( صلى الله عليه وسلم ) : { وَلَدَارُ الأخرة } : خرَّجه الكوفيُّون على أنَّه من إِضافة الموصُوفِ لصفته ، وأصله : «ولَلدَّارُ الآخِرَةُ » ، والبصريُّون على أنه من حَذْف الموصوف ، وإِقامة صفته مُقَامَهُ ، وأصله : «ولَدَارُ المُدَّةِ الآخِرَةِ أو النَّشْأَةِ الآخِرَةِ » . انتهى .