قوله سبحانه وتعالى { وقد مكروا مكرهم } اختلفوا في الضمير إلى من يعود في قوله ، وقد مكروا فقيل يعود إلى الذين سكنوا في مساكن الذين ظلموا أنفسهم ، وهذا القول صحيح لأن الضمير يجب عوده إلى أقرب مذكور وقيل : إن المراد بقوله وقد مكروا كفار قريش الذين مكروا برسول الله صل الله عليه وسلم ومكرهم ما ذكره الله تعالى بقوله تعالى { وإذ يمكر بك الذين كفروا } الآية والمعنى وأنذر الناس يا محمد ، يوم يأتيهم العذاب يعني بسبب مكرهم بك . وقوله تعالى { وعند الله مكرهم } يعني جزاء مكرهم وقيل إن مكرهم مثبت عند الله ليجازيهم به يوم القيامة { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } يعني وإن كان مكرهم لأضعف من أن تزول منه الجبال وقيل : معناه إن مكرهم لا يزيل أمر محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو ثابت كثبوت الجبال وقد حكي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في الآية قولاً آخر : وهو أنها نزلت في نمرود الجبار الذي حاجّ إبراهيم في ربه فقال نمرود : إن كان ما يقول إبراهيم حقاً فلا أنتهي حتى أصعد إلى السماء فأعلم ما فيها فعمد إلى أربعة أفراخ من النسور فرباهن حتى كبرت وشبت ، واتخذ تابوتاً من خشب وجعل له باباً من أعلى وباباً من أسفل ثم جوع النسور ونصب خشبات أربعاً في أطراف التابوت وجعل على رؤوس تلك الخشبات لحماً أحمر وقعد هو في التابوت ، وأقعد معه رجلاً آخر ، وأمر بالنسور فربطت في أطراف التابوت من أسفل فجعلت النسور كلما رأت اللحم رغبت فيه ، وطارت إليه فطارت النسور يوماً أجمع حتى بعدت في الهواء فقال نمرود لصاحبه : افتح الباب الأعلى وانظر إلى السماء هل قربنا منها ففتح ونظر فقال له إن السماء كهيئتها فقال له : افتح الباب الأسفل فانظر إلى الأرض كيف تراها ففعل فقال : أرى الأرض مثل اللجة والجبال مثل الدخان . قال : فطارت النسور يوماً آخر وارتفعت حتى حالت الريح بينها وبين الطيران فقال نمرود لصاحبه : افتح الباب الأعلى ففعل فإذا السماء كهيئتها ، وفتح الباب الأسفل فإذا الأرض سوداء مظلمة فنودي أيها الطاغي أين تريد ؟ قال عكرمة : وكان معه في التابوت غلام قد حمل القوس والنشاب وأخذ معه الترس ، ورمى بسهم فعاد إليهم السهم ملطخاً بدم سمكة قذفت بنفسها من بحر في الهواء وقيل إن طائراً أصابه السهم فلما رجع إليهم السهم ملطخاً بالدم قال كفيت إله السماء ثم أمر نمرود صاحبه أن يصوب الخشبات إلى أسفل وينكس اللحم ففعل فهبطت النسور بالتابوت فسمعت الجبال خفيق التابوت والنسور ففزعت ، وظنت أنه قد حدث حدث من السماء إن الساعة قد قامت فكادت تزول عن أماكنها ، فذلك قوله تعالى وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال واستبعد العلماء هذه الحكاية وقال : إن الخطر فيه عظيم ولا يكاد عاقل أن يقدم على مثل هذا الأمر العظيم وليس فيه خير صحيح يعتمد عليه ، ولا مناسبة لهذه الحكاية بتأويل الآية البتة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.