وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { وإن كان مكرهم } يقول : ما كان مكرهم لتزول منه الجبال .
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف ، عن الحسن رضي الله عنه قال : أربعة أحرف في القرآن { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } ما مكرهم وقوله { لتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين } [ الأنبياء : 17 ] ما كنا فاعلين . وقوله { إن كان للرحمن ولد } ما كان للرحمن من ولد وقوله { ولقد مكناهم في ما إن مكناهم فيه } ما مكناكم فيه .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { وإن كان مكرهم } يقول شركهم . كقوله { تكاد السماوات يتفطرن منه } [ مريم : 90 ] .
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } قال : هو كقوله { وقالوا اتخذ الرحمن ولداً . لقد جئتم شيئاً إدّا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا } [ مريم : 88-90 ] .
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ، أن الحسن كان يقول : كان أهون على الله وأصغر من أن تزول منه الجبال ، يصفهم بذلك . قال قتادة رضي الله عنه : وفي مصحف عبد الله بن مسعود { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } وكان قتادة رضي الله عنه يقول عند ذلك { تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا } أي لكلامهم ذلك .
وأخرج ابن حميد وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر : كان يقرأ { وإن كان مكرهم } بالنون { لتزول } برفع اللام الثانية وفتح الأولى .
وأخرج ابن الأنباري عن الحسن ، أنه كان يقرأ { وإن كان مكرهم لتزول } بكسر اللام الأولى وفتح الثانية . ويقول : فإن مكرهم أهون وأضعف من ذلك .
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف ، عن عمر بن الخطاب أنه قرأ «وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال » يعني بالدال .
وأخرج ابن المنذر وابن الأنباري ، عن علي بن أبي طالب أنه كان يقرأ { وإن كان مكرهم }
وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب ، أنه قرأ { وإن كان مكرهم } .
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس ، أنه قرأ « وإن كاد مكرهم » . قال : وتفسيره عنده { تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال } هذا { أن دعوا للرحمن ولداً } [ مريم : 91 ] .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ، أنه كان يقرأ { لتزول } بفتح اللام الأولى ، ورفع الثانية .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } ثم فسرها فقال : إن جباراً من الجبابرة قال : لا أنتهي حتى أنظر إلى ما في السماء ، فأمر بفراخ النسور تعلف اللحم حتى شبت وغلظت ، وأمر بتابوت فنجر يسع رجلين ، ثم جعل في وسطه خشبة ، ثم ربط أرجلهن بأوتاد ، ثم جوَّعهن ، ثم جعل على رأس الخشبة لحماً ثم دخل هو وصاحبه في التابوت ، ثم ربطهن إلى قوائم التابوت ، ثم خلى عنهن يردهن اللحم ، فذهبن به ما شاء الله تعالى . ثم قال لصاحبه : افتح فانظر ماذا ترى . ففتح فقال : أنظر إلى الجبال . . . . كأنها الذباب . . ! قال : أغلق . فأغلق ، فطرن به ما شاء الله ، ثم قال : افتح . . . ففتح . فقال : انظر ماذا ترى . فقال : ما أرى إلا السماء ، وما أراها تزداد إلا بعداً . قال : صوّب الخشبة . فصوّبها فانقضت تريد اللحم ، فسمع الجبال هدتها فكادت تزول عن مراتبها .
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أخذ الذي حاجَّ إبراهيم عليه السلام في ربه نسرين صغيرين ، فربّاهما حتى استغلظا واستعلجا وشبّا ، فأوثق رجل كل واحد منهما بوتر إلى تابوت . وجوّعهما وقعد هو ورجل آخر في التابوت ، ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم فطارا وجعل يقول لصاحبه : انظر ماذا ترى ؟ قال : أرى كذا وكذا .
حتى قال : أرى الدنيا كأنها ذباب . قال : صوّب العصا . فَصَوَّبَها فهبطا . قال : فهو قول الله تعالى { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } وكذلك هي في قراءة ابن مسعود { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ، أن بخت نصر جوّع نسوراً ، ثم جعل عليهن تابوتاً ، ثم دخله وجعل رماحاً في أطرافها واللحم فوقها ، فَعَلَتْ تذهب نحو اللحم حتى انقطع بصره من الأرض وأهلها ، فنودي : أيها الطاغية ، أين تريد ؟ ففرق ، ثم سمع الصوت فوقه فصوب الرماح فقوضت النسور ، ففزعت الجبال من هدّتها ، وكادت الجبال أن تزول من حسّ ذلك . فذلك قوله { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } كذا قرأها مجاهد .
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال : إن نمرود صاحب النسور لعنه الله ، أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجلاً ، ثم أمر بالنسور فاحتمل ، فلما صعد قال لصاحبه : أي شيء ترى ؟ قال : أرى الماء وجزيرة - يعني الدنيا - ثم صعد فقال لصاحبه : أي شيء ترى ؟ قال : ما نزداد من السماء إلا بعداً . قال : اهبط .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة ، أن جبّاراً من الجبابرة قال : لا أنتهي حتى أنظر إلى من في السماء . فسلط عليه أضعف خلقه ، فدخلت بعوضة في أنفه فأخذه الموت ، فقال : اضربوا رأسي . فضربوه حتى نثروا دماغه .
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم ، عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } قال : انطلق ناس وأخذوا هذه النسور ، فعلقوا عليها كهيئة التوابيت ثم أرسلوها في السماء ، فرأتها الجبال فظنت أنه شيء نزل من المساء ، فتحركت لذلك .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : أمر الذي حاجّ إبراهيم في ربه بإبراهيم ، فأخرج من مدينته فلقي لوطاً على باب المدينة وهو ابن أخيه ، فدعاه فآمن به وقال : إني مهاجر إلى ربي . وحلف نمرود أن يطلب إله إبراهيم ، فأخذ أربعة فراخ من فراخ النسور ، فربّاهن بالخبز واللحم . . . حتى إذا كبرن وغلظن واستعلجن ، قرنهنّ بتابوت وقعد في ذلك التابوت ، ثم رفع رجلاً من لحم لهن ، فطرن حتى إذا دهم في السماء أشرف فنظر إلى الأرض وإلى الجبال تدب كدبيب النمل ، ثم رفع لهن اللحم ثم نظر ، فرأى الأرض محيطاً بها بحر كأنها فلكة في ماء ، ثم رفع طويلاً فوقع في ظلمة ، فلم ير ما فوقه ولم ير ما تحته ، فألقى اللحم فأتبعته منقضات ، فلما نظرت الجبال إليهن قد أقبلن منقضات وسمعت حفيفهن ، فزعت الجبال وكادت أن تزول من أمكنتها ، ولم يفعلن .
فذلك قوله { وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } وهي في قراءة عبد الله بن مسعود « وإن كاد مكرهم » فكان طيورهن به من بيت المقدس ، ووقوعهن في جبال الدخان . فلما رأى أنه لا يطيق شيئاً ، أخذ في بنيان الصرح فبناه حتى أسنده إلى السماء ، ارتقى فوقه ينظر يزعم إلى إله إبراهيم ، فأحدث ولم يكن يحدث ، وأخذ الله بنيانه من القواعد { فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } [ النحل : 26 ] يقول : من مأمنهم وأخذهم من أساس الصرح ، فانتقض بهم . . . . وسقط فتبلبلت ألسنة الناس يومئذ من الفزع ، فتكلموا بثلاثة وسبعين لساناً ، فلذلك سميت بابل وكان قبل ذلك بالسريانية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.